قل ماتشاء في هذا الأرجنتيني الغريب الأطوار والنزق والمثير لجدل لايتوقف ولكن في عالم الساحرة المستديرة وفنونها يحق السؤال: »من الذي لايحب مارادونا«؟ .. ويبدو ان تاريخ كرة القدم سيتوقف طويلا امام هذه الظاهرة التي تحدث لأول مرة في بطولات كأس العالم فيما بات ديجو مارادونا المدير الفني لمنتخب الأرجنتين صانع الأحداث وصاحب الشعبية الطاغية بين مواطني جنوب افريقيا حتي انه كاد ان يتحول »للعريس في العرس الكروي العالمي ببلاد البافانا بافانا«. واذا كان اي ارجنتيني ليس بمقدوره منافسة ديجو مارادونا من حيث الشعبية في بلاده باستثناء الراحلة ايفا بيرون زوجة الرئيس السابق خوان بيرون والتي توصف بأنها معبودة الجماهير في الارجنتين فان مارادونا يكتب تاريخا جديدا في مونديال جنوب افريقيا. ومن هنا يتفق العديد من المعلقين علي ان مونديال 2010 هو »مونديال مارادونا« وانه اذا كان قد فرض اسمه علي مونديال 1986 كلاعب وحصل علي الكرة الذهبية فهاهو يفرض اسمه مرة اخري علي المونديال الحالي ولكن هذه المرة كمدرب. وستكون صورة مارادونا البالغ من العمر 49 عاما من اهم واقوي واطرف مشاهد مونديال 2010 سواء وهو يضع سيجاره الضخم في فمه وينفخ الدخان بقوة او وهو يثرثر مع الصحفيين ويمزح معهم وقد ارتسمت ابتسامة واسعة علي وجهه. ويبدو ديجو مارادونا كما لو كان يرتبط بحبل سري مع اللاعب الموهوب ليونيل ميسي البالغ من العمر 23 عاما والذي أعرب عن أمله في أن يكسر النحس الذي حال دون ان يسجل اي اهداف خلال المونديال الحالي وان يتمكن من هز شباك مرمي منتخب الماكينات فيما نجح مارادونا في خلق حالة ابداعية كروية لمنتخب الأرجنتين حتي ان ميسي ابدي سعادته لوجوده في فريق يدربه هذا اللاعب الاسطوري الذي تحول لمدرب اسطوري دون ان تفقد الاسطورة بريقها مابين اللاعب والمدرب وكلاهما عازف بارع علي المستطيل الأخضر بين الأمس واليوم. ويبدو أن مارادونا ذاته يشعر بأن الناس مازالت تنظر له كلاعب أكثر منه كمدرب ومن ثم فقد قال بعد فوز منتخب الأرجنتين علي المكسيك بثلاثة اهداف مقابل هدف واحد :انني اهدي هذا الفوز لاولئك الذين يظنون انني لااعرف كيف اكون مدربا. واذا كانت قصة مونديال 2010 قد اضحت الي حد كبير هي قصة ديجو مارادونا فان القصة ذاتها لايمكن ان تغفل ثلة من اللاعبين الأرجنتينيين الذين ساعدوا مدربهم علي كل هذا التوهج فيما تتوالي اسماء لاعبين مثل كارلوس تيفيز وجونزاجو ايجواين هداف الفريق. واعرب مارادونا المرة تلو المرة في هذا المونديال عن شعوره بالسعادة والفخر بلاعبيه وقال: »انه لشيء عظيم حقا ان يكون المرء جزءا من هذا المنتخب الرائع« فانه بدا حريصا علي ترجمة هذه الكلمات لقبلات لكل لاعبيه في نهاية كل مباراة لراقصي التانجو في العرس الكروي العالمي. وواقع الحال أن مارادونا ذاته هو صاحب الوصفة السحرية الحالية لمنتخب الارجنتين في المونديال حيث يمزج مابين الاداء القوي لكارلوس تيفيز والموهبة الفذة لميسي والهداف جونزاجو ايجواين وهو الثلاثي الذي يشكل النواة المبدعة لفريق التانجو يقول مارادونا: لم نأت لجنوب افريقيا من اجل النزهة وانما نحن هنا في بطولة كأس العالم ونريد ان نفوز بالكأس ونعود به لبلادنا حتي ندخل السعادة في قلب كل ارجنتيني . ويري نقاد ومعلقون أن اداء منتخب الأرجنتين في هذه البطولة حتي الآن أفضل من أداء لاعبي السامبا البرازيليين..لكن المشكلة اذا نالت الأرجنتين اللقب العالمي لثالث مرة ان احدا لايعرف ماالذي سيحدث عندما يفي مارادونا بوعده ويركض عاريا حول نصب آل أوبليسكو بقلب العاصمة الأرجنتينية بيونيس ايريس. حينئذ قد تقول الساحرة المستديرة بابتسامة حانية لابنها المدلل والموهوب: »ويحك مارادونا« ..لكن اللعبة الساحرة التي تدرك قدرات ومواهب وابداعات هذا الفتي النزق وغريب الأطوار لن تتردد في الدفاع عنه والتساؤل باستنكار:»من الذي لايحب مارادونا«؟ ..شخص لايشبه الا نفسه ونسيج متفرد بمعني الكلمة في عالم كرة القدم وياله من عالم .