جهد مشكور تقوم به مكتبة الاسكندرية وتضيفه الي مؤتمراتها وانشطتها التي تثبت بها بحق انها منارة للفكر ومنبر للتواصل والحوار بين الثقافات والحضارات. وكان اخر هذه المؤتمرات المؤتمر الذي عقدته من 16-18 يونيو الجاري وكان موضوعه »مبادرات في التعليم والعلوم والثقافة تنمية التعاون بين امريكا والدول الاسلامية« وفضلا عن الجلسة الافتتاحية والتي كان ابرز ماتضمنته المحاضرة التي ألقاها الدكتور اسماعيل سراج الدين والتي نتمني ان نراها منشورة علي نطاق واسع فقد تضمن برنامج المؤتمر جلسات حول محاربة المفاهيم الخاطئة في العلاقات بين الثقافات والتي تفرع عنها ورش عمل للترويج للتنوع الثقافي في مجال الاسلام والتنوع الثقافي ومجتمع المعلومات والجانب الايجابي للثقافة الشعبية بين الشباب والقضايا الثقافية ودور المرأة في التنمية البشرية كما خصصت جلسة لمناقشة دور الصحة في تسهيل ودعم التعاون بين الشعوب والبلدان وما تفرع عنها من ورش عمل موازية حول ادوار التعليم والتكنولوجيا وجلسات خاصة حول الحوار بين العقائد والاديان فضلا عن محاضرتين ختاميتين قدمهما فضيلة الشيخ علي جمعة مفتي الجمهورية ووليام فندلي السكرتير العام تحالف الاديان من اجل السلام العالمي. ويستوقف النظر في كلمة فضيلة المفتي انه في الوقت الذي طالب فيه الرئيس الامريكي بأن يفي بوعوده حول شراكة حقيقية بين الولاياتالمتحدة والعالم الاسلامي فانه طلب ايضا من الدول الاسلامية تبادل البعثات مع الولاياتالمتحدة لتنشيط البحث العلمي والابتكار والتعليم في المجتمعات الاسلامية. وفي تقديري ان هذا المؤتمر هو احياء وزيارة جديدة لخطاب الرئيس الامريكي باراك اوباما الذي خاطب به العالم الاسلامي من القاهرة في 4 يونيو 2009 والواقع ان الاغلبية العظمي من التعليقات ورودود الافعال لخطاب اوباما قد انصبت علي البعد والمحور السياسي في الخطاب الذي اراد به ان يؤسس لعلاقة جديدة بين امريكا والعالم الاسلامي تقوم علي الاحترام والتعاون المتبادل والتأكيد ان امريكا ليست ولن تكون عدوة للاسلام والتذكير بدور الاسلام في الحضارة البشرية والحضارة والمجتمع الامريكي ومنهجه الجديد في التعامل مع الصراعات السياسية في فلسطين و العراق وافغانستان باعتباره مصادر للتوتر بين امريكا والعالم الاسلامي. غير ان اهتماما ضئيلا قد نال المحور والبعد الثاني من الخطاب وهو الذي عرض مشروعا ومبادرة للتعاون بين امريكا والعالم الاسلامي في مجالات التعليم والثقافة والعلوم والتكنولوجيا وتأسيس صندوق مالي جديد لدعم التنمية و التطور التكنولوجي في البلدان الاسلامية وافتتاح مراكز للتفوق العلمي في افريقيا والشرق الأوسط وجنوب شرق اسيا وتعيين موفدين علميين للتعاون في تطوير مصادر جديدة للطاقة وتنقية المياه وزراعة محاصيل جديدة. وقد كان من رأي كاتب هذه السطور ان هذا البعد في الخطاب وامكانيات ومجالات التعاون التي فتحها هي جزء متكامل مع البعد السياسي الاول ومن هنا كانت دعوته ان تكون الهيئات ورجال الاعمال المؤسسات المصرية مستعدة بالخطط و متابعة ما وعد به اوباما وماقدمه من مبادرات في قضايا حيوية للتنمية والتقدم. والواضح ان الادارة الامريكية هي التي بادرت بالعمل علي تفعيل هذه المبادرة وذلك بالمؤتمر الذي دعت اليه رواد الاعمال Business Entrepreneurs والذي عقد في واشنطون في ابريل الماضي وحضره ممثل 50 دولة وكان من حسن الحظ ان الوفد المصري كان من اكبر الوفود في هذا المؤتمر. وقد جاء مؤتمر مكتبة الاسكندرية لكي يحيي و يطور هذا الجهد ولكي يبقي هذه المبادرة حية ومناقشة القضايا المختلفة سواء في التعليم او العلوم او التكنولوجيا والقضايا المتفرعة عنها. وحول موضوع المؤتمر فانه مما يستوقف النظر ان اصواتا قليلة قد ارتفعت خلال المناقشات تقول انه في الوقت الذي نناقش فيه التعاون في مجالات التعليم والعلوم والتكنولوجيا فإن الدماء مازالت تسيل في فلسطين والعراق وافغانستان وكان من رأي كاتب هذه السطور انه علي الرغم من هذه الحقيقة الا انه لا يري تناقضا بين البحث عن السلام والعمل من اجل تحقيق تسويات عادلة لهذه الصراعات وبين العمل والتعاون في هذه المجالات الحيوية للمجتمعات الاسلامية وان ثمة علاقة جدلية بين السعي للسلام وبين العمل والتعاون في مجالات التنمية فكل منهما يفدي الاخر ويدعمه ويخلق البيئة المناسبة والمشجعة علي التقدم فيه. وينبغي ان نقدم الشكر لمكتبة الاسكندرية علي عقد هذا المؤتمر وعلي المستوي الرفيع من التنظيم الذي جري علي مدي ايامه الثلاث.