كشف »المونديال« ال91 لكرة القدم والذي تجري رحاه بجنوب افريقيا عن وجهه الشرس وأفصح عن مكنوناته المفاجئة وعدل وبدل من نتائجه التقليدية التي انتهت بها مباريات الجولة الأولي باستثناء الأخيرة منها والتي خسرت فيها اسبانيا المصنف رقم 2 علي العالم أمام سويسرا التي جاءت في الترتيب العشرين.. وكانت هذه الخسارة بداية لهزائم متتالية للمنتخبات الشهيرة وهزات متلاحقة للفرق الكبيرة.. فسقطت الديوك الفرنسية من عليائها حتي ولو كان سقوطها متوقعاً لبدايتها المتواضعة وتعادلها السلبي مع الأورجواي في الأولي من مبارياتها.. غير أن سقوطها هذه المرة كان مدوياً وصاحبه فرقعة زلزلت المكان والهيبة التي ظلت بقاياها في النفوس منذ المونديالين الماضيين الذي جاءت في السابقة منها في مركز الوصيف بينما فازت في التي قبلها بكأس البطولة.. خسرت الديوك يوم الخميس الماضي وهي التي احتلت المكانة التاسعة علي التصنيف من المكسيك التي احتلت المركز ال71 بهدفين نظيفين ولم يظهر من الديوك أي لاعب بصورة لائقة واستحقت هذه الديوك »الشركسية« مع »فرختها« دومنيك الرحيل من من جنوب افريقيا لتوقف رصيدها عند النقطة اليتيمة بينما بلغ رصيد المكسيك والأورجواي أربع نقاط وتأكد تأهل أحدهما وربما الاثنين إلي الدور التالي. وإذا كانت السقطات التي واجهت الاسبان والفرنسيين صاحبها دوي شديد وفرقعة رهيبة فإن الزلة الأفظع والأقوي تمثلت في سقوط الميكنات الألمانية التي لم يكن أحد يتصور أن تصاب بعطب وتتعطل مواتيرها البشرية عن الدوران خاصة بعد أن فتحت طاقاتها علي الرابع في بداية انطلاقها ودهست استراليا برباعية نظيفة.. صحيح السقوط كان بسبب الحماقة غير المحسوبة التي ارتكبها كلوزه وتعرض للطرد بعد 53 دقيقة من الشوط الأول ولعدم التوفيق غير العادي الذي صادف القاطرة البشرية بودلسكي فذهبت كل تسديداته إما خارج المرمي أو في أجسام المدافعين ومع ذلك سمح له لوف المدير الفني ليس بالاستمرار حتي نهاية المباراة فحسب وإنما تركه يتصدي لتسديد ضربة الجزاء التي لاحت لفريقه فأهداها للحارس المكسيكي وكأنه يأبي أن يحصل الألمان علي نقطة التعادل ولينضموا إلي قائمة الأوراق الساقطة من الشجرة المثمرة التي لم تنضج كل ثمارها وتنتظر الجولة الثالثة لتصبح جاهزة للقطف. الورقتان الساقطتان الأخريان واكب سقوطهما دوي خافت ولم تهتز لتوابعه المكانة والمنزلة التي كان عليها البلدان وإن نالت سمعتهما وقللت من شأنهما.. الورقة الأمريكية والتي احتلت المكانة ال41 علي العالم تأخرت في البداية وربما وحتي قبيل النهاية بدقائق في مباراتها أمام سلوفينيا التي احتلت الترتيب ال52.. ولولا التباديل والتوافيق الخططية والفنية ولو حبة الشجاعة التي تناولها مستر برادلي ومساعده المصري زكي عبدالفتاح الذي أظهره مخرج المباراة وهو يحض المدير الفني علي إجراء التغيير الثالث والدفع بمهاجم بدلاً من أطول مدافعيه لأن الخسارة بهدفين كالهزيمة بأكثر منهما.. لولا هذا لما تمكن الأمريكان من تحقيق تعادل عزيز كان يمكن أن يتضاعف إلي فوز غال جداً لولا الخطأ القاتل الذي ارتكبه الحكم كوليبالي بعدم احتسابه لهدف قريب جداً من الصحة في اللحظات الأخيرة. أما السقوط غير المدوي والذي لم يقتل الفرصة تماماً وإن نال من الهيبة والسمعة فكان في تعادل انجلترا مع الجزائر سلبياً.. كان كل لاعبي انجلترا في غير يومهم تماماً وفي مقدمتهم ابن روني وجيراردو لامبارد وفيليبس ولم يؤد ما عليه نسبياً سوي المدافع اشكي كول وهو ما يدل علي أن لاعبي الجزائر كانوا الأفضل والأمهر والأكثر سيطرة لولا أن عيبهم الواضح تمثل في أهم ما في كرة القدم من عناصر وهو قوة النهايات والتي تؤدي لاهتزاز الشباك فلم يكن بين الجزائريين من لديه القوة والقدرة علي التعامل مع الشباك الانجليزية التي تركها جرين بعد أن تسبب في الهدف الغريب الذي خرج به الأمريكان متعادلين في المباراة الأولي.. وهذه النتائج جعلت الاشتباك قائماً بل مستعراً بين الرباعي وحتي الجولة الثالثة وإن كانت فرصة الجزائر هي الأضعف لتوقف رصيدها عند النقطة ومواجهتها للأمريكان في هذه الجولة الحاسمة. الورقة السمراء العجفاء التي سقطت وربما خرجت من المنافسات هي نيجيريا التي لقيت الهزيمة الثانية علي التوالي وظل رصيدها صفراً.. جاءت الهزيمة الثانية علي يد اليونان بعد أن كانت نيجيريا متقدمة ومتفوقة بهدف.. لكن أتت الرياح العاصفة فدفعت أحد الحمقي النيجيريين بارتكاب جريمة فنية في حق منتخب بلاده استحق عليها الطرد وخسر النسور الخضراء جهود زميلهم الأحمق فتحول اليونانيون إلي نمور وسيطروا وتعادلوا وتفوقوا وهزموا منافسيهم بهدفين مقابل هدف ولتصبح فرصة نيجيريا ضعيفة بل مستحيلة في لقائها الأخير الذي ستلعبه أمام كوريا يوم الثلاثاء القادم. أولاد مارادونا الحسنة الوحيدة والأكيدة التي شهدتها منافسات يومي الخميس والجمعة الماضيين تمثلت في الرباعية التي فاز بها راقصوا التانجو الملقبين بأولاد مارادونا علي كوريا الجنوبية التي أحرز لاعبوها هدفاً شرفياً من قبيل إثبات الوجود.. كانت هذه المباراة هي الأفضل والأسرع والأكثر إثارة وقوة.. تخلص مارادونا من فيرون العجوز في وسط الملعب فأضفي علي فريقه بعضاً من السرعة ليواكب بها الأداء السريع للكوريين والذي مكنهم من التغلب علي اليونان بهدفين نظيفين في المباراة الأولي.. كان ميسي أفضل نسبياً في هذه المباراة عن المباراة الأولي منعه فيها الدفاع النيجيري من التحرك بحرية وممارسة قدراته وإمكاناته الإبداعية.. ونجح ميسي وزملاؤه في إهداء هيجوين العديد من الكرات والتمريرات ترجم بعضها إلي أهداف ثلاثة ليكون أول »هاتريك« في البطولة.. ورغم ثقل الهزيمة ورغم التفوق الواضح لأولاد مارادونا غير أن الكوريين لم يستسلموا أو يتخلوا عن مقاومتهم وإن فترت نسبياً وعن صمودهم وإن اهتز نسبياً حتي آخر اللقاء وليكون الأرجنتين هو أول المتأهلين إلي دور ال61 لينتظر بقية الكبار الذين لم يحسموا تأهلهم انتظاراً لملحق الجولة الثالثة والتي ضمت قائمتهم أسماء شهيرة وعريقة أمثال انجلترا وألمانيا واسبانيا. من بين الحسنات المحسوبة لمنافسات هذين اليومين استحقاق ايتاما حارس نيجيريا الموهوب ليكون رجل المباراة الثانية التي خاضها فريقه أمام اليونان بعد أن كان رجل المباراة الأولي أيضاً أمام الأرجنتين والتي حد كثيراً فيها من قدرات الداهية ميسي وتصدي للعديد من كراته الماكرة.. ايتاما أمام اليونان كان بطلاً وذاد عن شباكه ببسالة ويقظة حتي وإن كنت شخصياً أعتب عليه لتحمله مسئولية هدف اليونان الثاني الذي ارتدت من يديه الكرة لتجد المتابع الذي أكملها داخل الشباك.