ما نقلته أجهزة الاعلام عن تطور كبير في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر وسوريا يؤكد ما يراه الخبراء والمتخصصون من أن الاقتصاد هو محور إقامة علاقات طيبة في كل المجالات بما فيها السياسة رغم كل ما قد يحيط بها من ملابسات وتأثيرات.. انني من المؤمنين بهذه الحقيقة وهو الأمر الذي دعاني إلي تناولها في بعض المقالات انطلاقا من واقع التجارب التي تحكم العلاقات بين كثير من الدول، من هنا يمكن القول أن هناك دائما فرصة لأن تصلح العلاقات الاقتصادية ما تفسده السياسة، في نفس الوقت فإنه من الممكن ان تفسد الخلافات السياسية.. العلاقات الاقتصادية بين الدول. وفي هذا الإطار وتقديرا للعلاقات النموذجية التي كانت تربط مصر وسوريا في معظم مراحل التاريخ فإنه لابد أن نرحب بما أفرزته الزيارة التي قام بها المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة إلي دمشق لحضور اجتماعات اللجنة التجارية المشتركة التي يرأسها مع وزيرة الاقتصاد والتجارة في سوريا لمياء العاصي.. والتي توصلت إلي مجموعة من الخطوات الايجابية لدعم العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البدين الشقيقين ان ما تحقق يجعلني اتمني ان يؤدي إلي اذابة الجليد الذي يشوب العلاقات السياسية منذ فترة من الزمن والذي وهو أمر يراه أبناء الشعبين وكل المراقبين والمحللين أمرا غير طبيعي يتطلب وقفة جادة لمراجعته في إطار من المصلحة العربية القومية. وحتي ندرك حجم وأهمية الانفتاح الاقتصادي بين البلدين وما يمكن ان يعكسه علي الواقع السياسي فإن علينا أن نتناول ما تم التوصل إليه من اتفاقات وقرارات والتي شملت ما يلي: إنشاء بنك مصري سوري مشترك برأسمال 022 مليون دولار يبدأ العمل فيه قبل نهاية العام في كل من المدن المصرية والسورية. الاتفاق علي بدء مفاوضات مصرية سورية جادة لاقامة اتحاد جمركي بين البلدين في اسرع وقت ليكون ركيزة بحكم الدور الذي تقوم به كل من مصر وسوريا علي المستوي العربي للاتحاد الجمركي العربي المقرر انشاؤه عام 5102. إزالة أي عقبات لتسهيل التبادل التجاري بين البلدين في إطار من المنافسة العادلة والعمل علي رفع حجم التجارة إلي ثلاثة مليارات دولار خلال العامين القادمين. الاتفاق علي انهاء مشكلة الصفقة المتكافئة بين البلدين والمجمدة منذ عامين بعد توقف الجانب السوري عن استيراد سلع صناعية مصرية ليس من بينها »الأرز« الذي كان سبب هذه المشكلة، جاءت هذه الخطوة في إطار الروح الايجابية التي تشهدها العلاقات بين البلدين هذه الأيام. تيسير التبادل التجاري بين البلدين من خلال عمليات نقل البضائع فقد تم الاتفاق علي تسيير خط ملاحي منتظم بين ميناءي الاسكندرية وطرطوس في سوريا وسوف تتولي الشركة الايطالية التي تقوم بتشغيل خط الاسكندرية فينيسا تشغيل هذا الخط. إنشاء شركات مصرية سورية لرؤوس أموال مشتركة بمساهمة الحكومتين من أجل تشجيع القطاع الخاص علي الاستثمار في البلدين. إن أهم ما تعبر عنه كل هذه الانجازات التي تحققت في المجالات الاقتصادية والتجارية بين البلدين هي الروح الطيبة الودودة السائدة والتي لابد أن تكون انعكاسا لرعاية القيادات السياسية بهدف استخدام الاقتصاد لعبور العثرات التي واجهت العلاقات السياسية، كم أرجو أن يكون هذا التوجه حقيقيا باعتبار أنه ليس طبيعيا هذا الجمود الذي أصاب هذه العلاقات، ان احدا لا يستطيع ان ينكر مهما كانت العقبات والأسباب التي احدثت هذا الشرخ في العلاقات السياسية. ان التوافق والتنسيق والتعاون السياسي بين مصر وسوريا يعد ركيزة أساسية لصالح العمل العربي الموحد.. ولكن المهم أن تخلص النيات. جلال دويدار [email protected]