شهدا ستظل بفينا.. ودموعا ما عشنا تكفينا.. هل مت وانت العائش فينا. ستظل اسامة قارئنا.. ستظل اسامة كاتبنا.. ستظل مؤلفنا حولك وطنا نأتيه علي لهف من انحاء منافينا. سنظل السفن الهائمة علي سفر ابدا.. حتي نلقاك.. فنلقي في عرض البحر مرافينا. شهدا ستظل بفينا.. ودموعا ماعشنا تكفينا.. وليالي الحلمية تجمعنا جزءا جزءا.. وكأن يديك يدا ايزيس تلملم اوزيريس المتناثر اربا اربا فوق روابينا.. من شط المتوسط حتي توربينات السد العالي توربينا توربينا.. وحلايب وشلاتينا.. ومن السلوم إلي سينا.. يتجمع كل المصريين علي مائدة عامرة افكارا شتي وفنونا. وليالي الحلمية تربطنا حلقات حلقات حول مباهجنا ومواجعنا.. حول ملاهينا ومآسينا.. وتثبتنا تثبيتا فوق كراسينا. تعرضنا فوق الشاشات الفضية.. تعرفنا.. وتشخصنا احلاما ووقائع.. وشجونا.. وشئونا.. في مقهي »زينهم« نتلاقي ونتابع اقدارا ومصائر.. ونقلب بالرأي رؤي.. ونفند اسبابا.. ونرتب للاحداث ظهورا مأمونا. و»الست« هي الموسيقي التصويرية من صندوق الراديو حتي لو اغلق تأتينا. وسليم باشا البدري يحدثنا في ثقة عن معركة لاريب سيكسبها.. ودخان السيجار الباشاوي يغطينا.. وسليمان العمدة يجأر بالشكوي.. فاذا لذنا بالضحك.. تفلت منا وهو يسب خفيريه.. وإلي طوب الارض توجه يشكونا. و»وصيفة« تجلس جانبنا فوق »الكنبة« وهي تربت »زهرة« حتي تكبر تلك المسكينة بين ايادينا. وتحب »عليا« وهو يبادلها الحب المهزوم سنينا. والثورة تنتصر وتنكسر.. وتهرم »نازك هانم«.. والحاضر ينسحق امام الماضي شوقا وحنينا.. والمستقبل يبدو في الافق ضبابيا وحزينا. شهدا ستظل بفينا.. ودموعا ما عشنا تكفينا.. يا هذا الرجل العائش فينا. يا هذا الممسوس بترتيب الفوضي في دمنا أو في فمنا.. المهووس بتأصيل الظاهرة المصرية من فترة عبدالناصر حتي الان.. ومن فترة عبدالناصر حتي »مينا«.. كنت المهموم ببنيه مصر التاريخية.. رحت تفتش في اغصان الشجرة عن اعراق الناس.. إلي ان صارت شجرتها في علم الاجناس هجينا ما احلاه هجينا.. »زيزينيا« الكوزمو بوليتانية صارت و»اربيسكا« انثروبولوجيا عجبا.. صارت تكوينا تشكيليا فذا يسكن تكوينا.. حاولت التفكيك .. فكان الزلزال.. فقلت خذوها كاملة متكاملة.. فالسيمفونية حين تساق إلي طاولة التشريح تصير لحونا تضرب بالاوتار وبالاقواس لحونا. »قال البحر«: هي »النوة« قادمة.. قلت له: بل هي احلام »البشري« مهندس ري البر المصري.. وكان حواركما موجا ومحارا ولآلي.. هي في الاعناق.. وفي الاعماق اعز لآلينا. شهدا ستظل بفينا.. ودموعا ما عشنا تكفينا.. يا هذا الرجل العائش فينا. احساسا حاسا بالالفة في عز البرد يدفينا. كنت الشاطر حسن النعماني.. الدكتور مفيد.. وبشر.. وعبدالفتاح ولي الله.. وفتح الله.. وكنت جموع البسطاء العاديينا.. كنت »المصراوية« وجميع جميع »اهالينا« .. كنت ملامحنا اجتمعت في وجهك هذا القمحي كسنبلة تتندري في شمس بئونة.. وتطير الي الافواه طحينا.. كنت الصوت الجامع وسوسة حبال حناجرنا صوتا ينفض عنا الصمت.. ويحكينا. ياهذا الفلاح الآتي من كفر الشيخ قرنفلة تحمل قلما كالفأس.. توزع حبرك عطرا ازرق في النيل الجاري في وادينا.. يا هذا النيل الآتي من كفر الشيخ تنادينا.. صرنا زرعا مسقيا بدموعك أو شهدك.. سيان الامر فأنت البستاني العاشق تنبت فينا الصبار.. وتنبت فينا التينا. لم ترفع »رايتك البيضاء« امام حشود القهر القادمة علي متن البلدوزر ناوية بالاسلفت تسِّوينا. سيظل »ابوالغار« مثال البطل الرومانسي الفاعل.. سيظل من الهمجية والسوقية يحمينا. سيظل ضمير »الابلة حكمت« عصفور النار يطير في أوج الليل علي اجنحة البرق اغانينا. يا رجلا من زمن الحب يعانق في الحلم »امرأة من زمن الحب«.. وزمن الحب يخاصمنا من زمن ويجافينا.. حاولت مرارا ان تهب القلب دواء مجانيا للعشاق.. فعاد القلب الموهوب جراحا مثخنة وانسد شرايينا.. كنت الصادق مع نفسك.. والصادق مع ناسك.. تكتب ما تعتقد.. وما تعتقد علي الشاشات ترينا. شهدا ستظل بفينا.. ودموعا ما عشنا تكفينا.. يا هذا الرجل الحلم العائش فينا.