كما لم تتمكن البكتريا من العبث بأجسام الفراعنة لتظل باقية حتي الآن، لن تتمكن - أيضا - من تدمير الوثائق المصرية، فالقضاء عليها أمر سهل وتكفله مادة توصل لتركيبتها د. نادي ناشد الطبيب بهيئة التأمين الصحي، وأثبتت كفاءة عند تطبيقها في معمل »البكتريولجي« بدار الوثائق القومية خلال تجارب استمرت خلال شهر إبريل من العام الماضي. تتميز هذه المادة - كما يؤكد د. ناشد - بأنها توفر حماية دائمة للورق، فلا تكون هناك ضرورة لمعالجته من حين لآخر للقضاء علي البكتريا التي تنمو فوقه، كما يحدث بالطريقة التقليدية المتبعة - كما أنها تفتح مجالا لتحقيق ميزة صناعية لمصانع الورق المصرية لو تم استخدامها في عجينة الورق، لإنتاج ورق ذو طبيعة خاصة يستخدم عند كتابة الوثائق وطباعة الكتب. وفضلا عن ذلك فإنها تحقق ميزة مهمة يشير إليها مصدر بمعمل البكتريولجي بدار الوثائق القومية - رفض ذكر اسمه - وهي أنها ستقضي علي استخدام مادة »الفورمالين« في حفظ الوثائق والتي تسبب للعاملين في هذا المجال أمراضا صدرية حيث تؤدي رائحتها النفاذة الي زيادة فرصة الاصابة بالأزمات الصدرية لمن لديهم استعداد للإصابة بها، كما أكد د. محمد عوض تاج الدين استاذ الأمراض الصدرية ووزير الصحة السابق. ورغم كل هذه المزايا إلا أنها لم تشفع لهذه المادة التي يتجاهل مسئولو الدار تطبيقها. حسب ما أكد نفس المصدر، الذي أرجع هذا الأمر لداء »الروتين الحكومي« وتساءل مستنكرا: لماذا لم تقر اللجنة العلمية بالدار تطبيقها، رغم أن تجاربنا عليها أثبتت كفاءة، وعلق علي ذلك بقوله »يبدو أن صحتنا مش مهمة عند المسئولين«. »الأخبار« بدورها واجهت د. رفعت هلال رئيس الإدارة المركزية لدار الوثائق بهذه الاتهامات، فنفي أن يكون هناك تجاهل من إدارة الدار للمادة، معزيا الأمر إلي عدم اقتناع اللجنة العلمية بالتقرير الصادر عن معمل البكتريولجي، وهو ما نفاه أحد أعضاء اللجنة - رفض نشر اسمه - مؤكدا أن غالبية الأعضاء وافقوا لكن رئيس اللجنة وعضوا آخر وقفوا حيال صدور قرار لصالحها. ومن جانبه، اكتفي د. ناشد بالتعليق علي هذا الموقف قائلا »هما الخسرانين«، موضحا أن لجوءه لدار الوثائق القومية كان بهدف التأكد من إمكانية استخدام مادة التحنيط التي ابتكرها وحصل بها علي براءة اختراع من أكاديمية البحث العلمي سنة 1002 في معالجة الورق لإكسابه نفس خاصية الجسم المحنط، وهي عدم قدرة البكتريا علي تدميره، وحيث إني تأكدت من ذك، فلا يعنيني هل يطبقونها أم لا. وكانت التجارب التي تمت بالدار - حسب ما أكد مصدر معمل البكتريولجي - قد اعتمدت علي وضع بكتريا علي ورقتين، وأجريت معالجة لإحدي الورقتين بالمادة الجديدة، فتمكنت البكتريا من تدمير الورقة غير المعالجة، بينما بقيت الورقة المعالجة سليمة. ورغم أن د. ناشد يبدو سعيدا بالتأكد من صحة نظريته، غير عابئا بقضية التطبيق، إلا أن المصلحة العامة تجعلني أطالب بما لم يسع له المخترع مناديا بأعلي صوتي »انتبهوا أيها السادة«.