نحن في أشد الحاجة إلي ثورة "اقتصادية" ... مصر في مفترق طريق ... اختياراتنا واضحة إما التقدم أو الانهيار ... صورة ثورة الشعب المصري وجيشه في بدايتها رفعت سقف التوقعات الوطنية والعالمية بأنها ستكون نموذجا لأعظم ثورات شعوب العالم ... ما حدث بعد ذلك هو انقلاب علي روح وفكر الشعب الثائر والجيش الحامي للشعب بل اختطاف كامل لها روحا وفكرا وعملا ... الثورة هي بداية عهد جديد للحرية والكرامة والأمل والتكافؤ والوحدة والعمل لكل المصريين ... "الشعب يريد التقدم " ... هل هذا شعار أم أنه رغبة ، هل هذا وهم أم أنه الحقيقة ... لن يتحقق حلم الثورة والثورة الحلم دون أن تتحول إلي ثورة تقدم وبناء وعلم وعمل وصناعة وسياحة وزراعة وخدمات ... وأخلاق ووحدة وأمان وآمن ومحبة وتواصل ... مصر تعيش في انهيار اقتصادي شديد منذ الثورة الحلم ... انهيار في الموارد وانهيار في الإنتاج وزيادة في الأعباء وزيادة في المصروفات ... يقترب حجم ما خسره الاقتصاد الوطني للآن من 400 مليار جنيه (اربعمائة مليار جنيه مصري) ... وأري أننا في أشد الحاجة إلي برنامج اقتصادي لمصر بعد الثورة له هدفان رئيسيان أولهما لإدارة والخروج من الأزمة الاقتصادية وثانيهما لتحقيق الدفعة (الثورية) للانطلاقة الاقتصادية لوطن وشعب ... حال المجتمع بأكمله مؤسف ... يتساءل المصريون عن قوت يومهم وطعامهم ومعيشتهم وحياتهم وحياة أولادهم وآمالهم في حياة أفضل مما كانت عليه... يتساءل المصريون عن رغيف الخبز وزيادة سعر أنبوبة البوتاجاز والطعام ومتطلبات الحياة اليومية ... ويتساءل المصريون عن زيادة أعداد العاطلين وارتفاع معدلات البطالة واقتراب عدد من فقد عمله إلي مليون مصري وهو رقم يزيد علي ما يقوم بتحقيقه الاقتصاد المصري سنويا ... يتساءل المصريون عن اختفاء المشروعات والاستثمارات الجديدة ، وغياب بل وهروب ما كان يجري منها وآثار ذلك علي فرص العمل للمصريين في الأعوام الثلاثة القادمة ... يتساءل المصريون عن الفساد وآثاره المتراكمة علي مستقبلهم ورزقهم وعن حقوقهم عما ضاع وأثره علي ماضيهم وحاضرهم ... يتساءل المصريون عن القيادة المخلصة والملهمة التي تقود الاقتصاد الوطني بروح " طلعت حرب" وتعيد الثقة إلي القاعدة الكبيرة لقطاع الأعمال ورجال الأعمال الشرفاء للاستثمار وخلق فرص العمل ... يتساءل المصريون عن توجه مصر بعد ثورتها هل هي ليبرالية وسوق حر مطلق (البقاء فيها للأقوي والأقدر) ، أم هي ليبرالية اجتماعية وهي رأسمالية ذات قلب وروح لكل المصريين تحقق التكافل والتكافؤ بين الأغنياء والفقراء أم هي اشتراكية ... يتساءل المصريون عن حقوقهم بعد الثورة فمنهم من يطالب بزيادة المرتبات ومنهم من له مطالب فئوية ومنهم من يطالب بنصيبه مما سرق ومنهم من يطالب بتوزيع الودائع الخارجية ومنهم من يطالب بتوزيع الغنائم ... ومن البديهي أن يكون هناك تكلفة للثورات ... ولكن الثورات الناجحة والأمم الرشيدة هي التي تقلل تكلفة الانتقال ... ولذا أري ضرورة أن تتكاتف القوي الوطنية والعقول الاقتصادية وقيادات الأعمال في قطاعاتنا الإنتاجية والخدمة لوضع برنامج عمل اقتصادي لمصر ... وليس من المنطق وغير المقبول أن نطالب الحكومة بكل شئ أو ننادي علي الجيش بأن يقود مسيرة الاقتصاد ... ليس من المنطق أو المقبول أن ينصرف الشعب عن العمل ويطالب البعض منه بأن يصله دخله دون عمل أو انتاج ... ليس من المقبول أن تستمر حالة عدم الأمان والاستقرار اللازمة لإعادة الاستثمار ... ليس من المقبول أن يتم تخوين كل رجال وقيادات الأعمال بسبب قلة أفسدت في الوطن ... ليس من المقبول أن يتم الانقسام لوطن بين فئاته شبابه وكباره ... أو عمال ورجال أعمال ... أو نقابات ووزارات ... ليس من المقبول أن تستمر صورة مصر في الانهيار أمام العالم وأمام كل من فكر في الاستثمار الجاد في مصر ... الثورة الاقتصادية أصبحت ضرورة حتمية ملحة وأي تأجيل لها هو خيانة لوطن وخدعة لأبنائه ... لدينا في مصر أساتذة وخبراء للاقتصاد الوطني ولإدارة الأزمات والريادة الصناعية والزراعية والسياحية ... بل في النقل والمواصلات والمعلومات والبنية الاساسية ...أدعو لتعبئة الوطن والوطنيين لبناء مستقبل أفضل هو الحلم والهدف لكل الشعب ... الثورة الاقتصادية هي ثورة شعب وحكومة شعب وجيش يحمي تقدم الشعب ... لكل المصريين.