حضور الدول العربية، وعلي أعلي مستوي، لاعمال القمة العربية. التي تستضيفها العاصمة العراقية بغداد، نهاية هذا الشهر. هو تصحيح لخطأ لايغتفر، وقع فيه الجميع، في مثل هذه الايام من العام الماضي. عندما تخلت الدول العربية، عن آلية انعقاد القمم العربية الذي تم اقراره، من قبل القادة، منذ اكثر من عشر سنوات. علي خلفية وجود مشاكل في عدد من الدول العربية، مثل ليبيا، واليمن، وبداية الاحتجاجات في سوريا. وانشغال دول مثل مصر وتونس، بصياغة الاوضاع الداخلية، بعد نجاح ثورة الياسمين، و25 يناير في البلدين. وكان المنطق يدعو الي انعقاد القمة، بغض النظر عن مستوي التمثيل الذي يمثل حقا اصيلا لكل دولة. باعتبارها فرصة ذهبية للدول العربية، للبحث في التوصل الي صياغة موقف موحد، من ربيع الثورات العربية من ناحية ودراسة الاسباب التي منعت الدول العربية، من الالتزام بمواثيق الاصلاح السياسي، والديقراطي، وتمكين المرأة العربية، والتحديث والتطوير في عمل منظمات المجتمع المدني، وحرية الاعلام، وهي التي وقع عليها القادة بأنفسهم في قمة تونس 2005 ويومها تم الاتفاق علي ان تقدم كل دولة للامانة العامة للجامعة، تقريرا سنويا عما تم انجازه. وهو ما لم يحدث سوي عام واحد. وتراجعت الامور كما جرت العادة، وانتهي الاهتمام، رغم ان الامر يتعلق بالابلاغ فقط، دون التقييم. ناهيك عن القضايا العربية الاخري، ومنها القضية الفلسطينية، وصياغة الموقف من دول الجوار الاقليمي ايران وتركيا وغيرها من دول افريقيا. وكما يقول المثل ،ان تأتي "متأخرا افضل من ألا تأتي ابدا". فقد انهي العراق كل استعداداته اللوجستية من جديد. لاستضافة القمة العربية القادمة ،وكان قد سبق ذلك منذ حوالي عام واكثر، ان انتهي من نفس المهمة. واتذكر انني زرت بغداد في اوائل شهر يناير من العام الماضي، برفقة عمرو موسي وكان مازال أمينا عاما للجامعة العربية. وشهدت مدي الحرص العراقي، من كل الجهات رئاسة الجمهورية، والحكومة، وقادة والاحزاب السياسية، وكل الطوائف، علي استضافة القمة العربية. واستشعار اهميتها، حتي علي الوضع الداخلي العراقي. كما لمست مستوي الاعداد، لتوفير اقامة كريمة ومناسبة للقادة العرب، وللوفود المرافقة والاعلاميين. ناهيك عن الاستعدادات الامنية. وهي احد العوامل الحاسمة. في قرار الدول بتحديد مستوي التمثيل، مشاركة الرؤساء او المستوي الاقل. واعتقد صادقا، ان مرور اكثر من عام، يوفر مزيدا من القدرة العراقية، علي خروج القمة القادمة بصورة أفضل. وبقي ان يحرص الجميع علي المشاركة، وبأعلي مستوي، دون التوقف عند بعض الاحداث الامنية. التي اتوقع تصاعدها في الايام القادمة، من جماعات تحاول التأثير سلبا علي القمة، وتتحفظ علي استعادة بغداد لدورها . باعتبارها احدي الدول الفاعلة في المنظومة العربية، لصالح توجهات أخري، تحاول نزع العراق من محيطه العربي، وتكريس وجوده في منظومة اقليمية، قد تتناقض مع المصالح العربية. وليس خافيا علي احد ،ان الظروف الحالية تفرض علي القمة والقادة ضرورة التعامل الجدي، مع التحديات التي تواجهه الجميع دون استثناء. وفي المقدمة، الازمة السورية، التي تلقي بظلالها علي الوضع العربي برمته. وتأثيراتها السلبية علي دول الجوار، لبنان، والعراق نفسه، والاردن، وفلسطين، ناهيك عن منظومة دول مجلس التعاون الخليجي. وهناك القضية الفلسطينية، التي وصلت الي طريق مسدود، بعد ان نجحت اسرائيل في ابقاء المسألة في دائرة ادارة الصراع، دون حله .والقمة فرصة طيبة، للكشف عن الخطوة المهمة، التي اعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس القيام بها. واعتقد ان مشاركة القادة دافع للمصارحة والمكاشفة، تجاه الربيع العربي. مع وجود قناعة، بخصوصية التغيير في كل دولة من جهة، بالاضافة الي ما نتوقعه من دعم خليجي لبعض الدول، التي تعاني من مرحلة مابعد الثورات. وبعد، فإن القمم ولقاءات القادة ضرورة وتعقد لحل الخلافات ومواجهة التحديات بعيد عن المجاملات.