حمدى الكنىسى اعلم جيدا ان ثمة سؤالا ساخرا سوف ينطلق متسائلا ومندهشا قائلا: »هل كان له- اساسا- اي رصيد حتي تقول ان رصيده لم يعد يسمح؟!« واقول انا: عندما اتحدث عن الرئيس السوري بشار الأسد اعترف مقدما بأنه ليس تحت يدي من القرارات والاجراءات التي اتخذها سيادته منذ ورث الحكم عن والده ما يؤكد انه صار له رصيد حقيقي لدي شعبها لكنني اعتمد فقط علي النوايا والوعود التي اطلقها خاصة انه جاء بعد حكم ابيه الذي شهد قمعا دمويا للشعب ومازالت دماء حلب تنزف ألما وكمدا برغم مرور السنوات علي مجزرتها. ولعل تلك النوايا والوعود التي اطلقها »بشار« الي جانب بعض المواقف التي جعلت سوريا في مقدمة دول الممانعة ورفض السيطرة والاملاءات الامريكية والاوروبية هي التي جعلتني اكتب منذ شهور قائلا: »لاتخذلنا يا بشار« قلت له ذلك لانني وغيري نعرف تماما ان ثمة متربصين بسوريا إما تنفيذا لمخطط اجنبي يستهدف تمزيقها الي اربع دويلات لتلحق بالعراق والسودان والصومال، او لتصفية حسابات من قبل جهات معروفة او خشية امتداد ربيع الثورات العربية اليها لينتقل منها الي دول تجلي قلقها من الربيع الثوري، قلناها له اذن من واقع معرفتنا بأولئك المتربصين لكنه- لا سامحه الله- خذلنا، ولم يستطع ان يخرج من تحت عباءة الرئيس الديكتاتور المستبد الذي يري انه لا يمكن ان يخضع للمتظاهرين مهما كانوا بمئات الآلاف ومهما كانت طلباتهم السلمية محدودة ومنطقية. لم يقرأ »بشار« الواقع الذي خلقه ربيع الثورات وبالتالي لم يستوعب ابعاد ما حدث لمبارك والقذافي وزين العابدين وعلي عبدالله صالح والغريب والمثير للدهشة والتأمل في طبيعة الحكم الشمولي الاستبدادي، انه لم يستوعب ايضا امكانية التجاوب مع مبادرة جامعة الدول العربية ولم يستوعب تحرك المجتمع الدولي نحو ادانته ومطالبته بالاصلاح السياسي والاجتماعي ثم كانت الدعوة له بأن يتنحي بعد تقاعسه عن تحقيق مطالب الثوار وقد اعتمد في ذلك علي الفيتو الروسي والصيني، ولم يدرك ان هناك حدودا لتقبل الدولتين لمزيد من الحرج بسبب عناده الدموي من ثم قد تتخليان عنه مضحيتين بمصالحهما معه، ثم كانت الفرصة الاخري عندما أعادت جامعة الدول العربية عرض مبادرتها عليه لكنه ماطل وتهرب حتي بدأت دول عربية في سحب سفرائها من دمشق ولم تملك مصر الا ان تنضم الي هذه الدول وتسحب هي الاخري سفيرها وبدلا من ان يدق ذلك ناقوس الخطر الداهم في اذنيه اندفع الي مزيد من البطش والقتل متوهما انه سوف يخمد الثورة التي يضاعف من عنفوانها سقوط الشهداء والمصابين وهذا ما لم يدركه ايضا. هكذا لم يعد لبشار اي رصيد حقيقي او افتراضي ولم يعد امامه سوي الاستجابة للحوار مع المعارضة حتي لو كان ذلك معناه ان يتنحي انقاذا لسوريا العزيزة التي نعتبرها توءما لمصر خاصة عندما اقامت الوحدة معنا في مثل هذه الايام من عام 8591 حيث فتحت الابواب للوحدة العربية الشاملة لولا المخططات الاوروبية اياها التي تم وضعها في لندن في مستهل القرن العشرين لتحول دون قيام امة عربية اسلامية موحدة يمكن ان تستعيد الامجاد العربية وهي ذاتها المخططات والمؤامرات التي تعمل في هذه الايام ليل نهار من اجل تفتيت الامة وتمزيق دولها!!