نوال مصطفى لا أعرف لماذا أشم رائحة غريبة تربط بين الدعوة للعصيان المدني في مصر وبين قضية التمويل الأجنبي التي تجري التحقيقات الموسعة بشأنها من قبل الجهات السيادية بالدولة ؟. الحقيقة أن العلاقة تبدو لي واضحة فمن الذي يفكر الآن في مزيد من "وقف الحال" وتدهور الاقتصاد لتركيع مصر وإذلالها ؟ من الذي من مصلحته أن ينخفض مؤشر البورصة أسفل السافلين ؟ من يفكر في انهيار المرافق الحيوية و توقف الخدمات العامة التي يستخدمها كل المصريين ؟ من هو الشخص الذي تجرد من مشاعر الوطنية والمسئولية والانسانية ليدعو إلي أن يموت المريض في المستشفي لأن الطبيب يمارس العصيان المدني ؟ ومن المصري الذي يرضي أن تتوقف القطارات والطائرات وجميع وسائل النقل المختلفة أي أن يعيش الملايين مآسي وإحباطا وإضطرابا غير مسبوق ؟. لذلك أكاد أجزم أن رائحة التمويل الأجنبي تفوح من أفواه المنادين بهذه الدعوة الخبيثة. واعتبر ان كل من يتبناها خائن للوطن أو علي أقل تقدير انسان غير مسئول لا يدري نتيجة أفعاله ولا يقدر تبعات تهوره واندفاعه. الغريب أنني طالعت خبراً علي الموقع الإليكتروني لصحيفة "اليوم السابع" مفاده أن جهات التحقيق بالمحلة الكبري ألقت القبض علي مجموعة من الأجانب منهم صحفي استرالي وطالب بالجامعة الأمريكية ومرشدة سياحية وعامل بمصنع غزل المحلة أثناء قيامهم بتحريض المواطنين علي العصيان المدني، وقاموا بعرض مبالغ مالية علي المواطنين لخروجهم في العصيان المدني وتحفظت النيابة علي الكاميرات والميموري الخاص بها، بعد أن قاموا بتصوير عدد من بوابات غزل المحلة وبعض المناطق الحيوية بالمدينة، بالاتفاق مع أحد عمال الشركة الذي أعلن أن عمال غزل المحلة سيشاركون في العصيان المدني.
ولم يدهشني الخبر فقد كنت ومازلت أري علاقة قوية بين تلك الدعوة الغريبة في هذا الظرف الخاص والدقيق الذي نعيشه وبين التدخل الأجنبي الشائن في شئوننا الداخلية. وأتمني أن تنتهي التحقيقات في ذلك الملف الخطير "التمويل الخارجي" لمنظمات المجتمع المدني في أقرب وقت وأن يكشف الستار عن كل الحقائق حول تلك المؤامرة الدنيئة علي مصر. وهنا أحيي الوزيرة فايزة أبو النجا التي تقف بشجاعة وجرأة في وجه تهديد الولاياتالمتحدةالأمريكية بقطع المعونة عن مصر ، فهي لم تتراجع ولم تغلق الملف خوفاً من تنفيذ أمريكا لتهديدها بل وقفت بشجاعة المدافع عن الحق وساندها الدكتور كمال الجنزوري والمشير طنطاوي ولهم أمام هذا الموقف كل التقدير والاحترام. المطمئن في الأمر أن الشعب المصري لماح و ذكي ويستطيع أن يفوت الفرصة علي المتذاكين عليه والمستهينين بقدرته علي التقاط وتحليل الرسائل الإيجابية والسلبية. ومع هذه المؤامرات والظروف الحرجة التي تمر بها البلاد يخرج من المصريين شجاعة نادرة وتحد جبار لمن يعتقدون أنه مجرد تابع لن يستطيع أن يقرر ما هو الأصلح له ولوطنه، وهنا أتذكر الانتخابات البرلمانية التي جرت سبقها بأيام أحداث محمد محمود وأعتقدنا جميعاً أنها محكوم عليها بالفشل أو بعدم الاكتمال، لكن الشعب المصري العظيم قال كلمة واحدة وهي أنه لا بديل عن السير في اتجاه البناء وليس الهدم والتخريب وليّ ذراع الوطن. أيها المصريون انتبهوا.. أيها المصريون حافظوا علي مكتسبات ثورتكم واكملوا الطريق فقد قطعنا منه الكثير ولم يبق إلا القليل!