الملايين التي خرجت اول امس في ذكري الثورة سوف تجبر كل القوي السياسية علي اعادة حساباتها. لم يعد مجديا الجدل حول استمرار الثورة، ولا حول شرعية الميدان. المطلوب لاستكمال الثورة خريطة طريق لكيفية نقل روح الثورة من الميدان إلي كل مؤسسات الحكم. الجريمة الكبري في حق الوطن هي ان نهدر هذه الطاقة الجبارة لدي الملايين التي مازالت تحلم بالخبز والحرية، والتي تصر علي تحقيق احلامها رغم كل عوامل الاحباط وحملات الترويع. الثورة الحقيقية هي التي تحول هذه الطاقة من الاحتجاج إلي المشاركة الفعالة في بناء الوطن وتحقيق الاحلام. في اولي جلسات مجلس الشعب رفض النواب المحترمون ضم زميلة كممثلة للمرأة في لجنة تقصي الحقائق في قضية شهداء الثورة! فكر معي.. هل تم ذلك علي اعتبار ان تقصي الحقائق مهمة لا تصلح للسيدات؟ ام باعتبار ان »الكشف « عن الحقائق امام المرأة عيب؟ ام تطبيقا لما اعلنه البعض سابقا من ان وجود المرأة في البرلمان هو »مفسدة« صغيرة لا يريدون لها ان تتحول إلي »مفسدة« اكبر اذا مارست مهام العضوية وشاركت بالفعل في اعمال البرلمان؟! العدد المخزي لممثلي المرأة والاقباط في مجلس الشعب هو وثيقة ادانة للنظام الانتخابي من ناحية ولسلوك الاحزاب من ناحية ثانية، خاصة مع حقيقة ان »الانتخاب بالقوائم« وضع اساسا لمعالجة مثل هذه القضايا. لولا مشاركة المرأة المصرية الشجاعة في الثورة ولولا صوتها في الانتخابات لما كان نصف اعضاء مجلس الشعب يحتلون مقاعدهم في اول برلمان بعد ثورة لم يشاركوا فيها!! وداعا لبيب السباعي فقدت الصحافة المصرية واحدا من انبل ابنائها، واكثرهم اخلاصا للمهنة وللقاريء وللحقيقة. رحل الزميل العزيز لبيب السباعي بعد ازمة صحية مفاجئة لم تمهله إلا اياما قليلة. قضي الزميل الراحل معظم حياته المهنية متخصصا في شئون التعليم وخاض علي صفحات »الاهرام« العديد من المعارك دفاعا عن حق شباب مصر في تعليم راق وحديث، وضد كل محاولات سلب الفقراء هذا الحق المشروع. وانتقل السباعي بعد ذلك رئيسا لتحرير مجلة »الشباب« ثم رئيسا »لمؤسسة الاهرام« بعد ثورة يناير وفي كل هذه المواقع قدم نموذجا للعمل الجاد والالتزام المهني والخلقي والادارة الفاعلة. تزاملنا قبل شهرين في هيئة مكتب المجلس الاعلي للصحافة في فترة بالغة الصعوبة كانت تحتاج لخبرته وصدقه.. وفي آخر لقاء معه لم يكن يشكو شيئا ثم فوجئنا بالازمة الصحية العنيفة التي داهمته.. وتشاء ارادة الله ان يرحل عن عالمنا في يوم الذكري الاولي للثورة فنفقد قامة صحفية متميزة وقلما ملتزما وانسانا نبيلا. رحمه الله واسكنه فسيح جناته.