إن المتابع لشئون حركات المقاومة (خاصة حركة حماس) يستطيع أن يميز ويتفهم ما أعلن عنه "مشعل" حيث أبلغ مجلس شوري الحركة في اجتماعه الأخير برغبته في عدم الترشح لرئاسة المكتب السياسي للحركة في دورته المقبلة. ومع تأكيده علي مواصلة دوره في خدمة شعبه وقضيته وحركته وقضايا الأمة.أؤكد بدايةً، أنني ضد ظاهرة التأبيد والتوريث التي أصبحت سمة في منظومة الحكم العربية ،شاركت وناضلت مع المطالبين برحيل الرئيس المصري السابق (حسني مبارك)، ومستعد للدفاع عن موقفي حتي آخر نفس، لكن ما أؤمن به شيء وما يجب ان تفعله حماس شي آخر، وهو ليس من المنطق ان نقارن حركه مقاومة كأي نظام فاسد متغطرس يحكم شعبه بالديكتاتورية، فلم يحن الوقت بعد للتغيير في حركة بحجم حماس قدمت في تاريخها الكفاحي قافلة من شهدائها الكبار، من آباء روحيين وزعماء سياسيين وقادة ميدانيين.. فلا يزايد عليها احد من المنظرين. فعقب استشهاد القائد المؤسس لحركة حماس الشيخ الشهيد أحمد ياسين، وقف الشهيد عبد العزيز الرنتيسي يخطب في جماهير قطاع غزة، ومن بين أشياء كثيرة أكدها (آنذاك)، لاسيما مستقبل حركة حماس وترتيب الأوضاع السياسية وإدارة المقاومة ضد الاحتلال، بدا لافتًا تأكيد "الرنتيسي" بحزم موجها رسالة لمن يحاولون النيل من الحركة :"يريدونها فتنة بين الداخل والخارج.. وأنا أعلنها من هنا.. السمع والطاعة لخالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.. هو قائد الحركة وله في عنقي بيعة". الأمر الآخر، أن القاصي والداني يشهد بنجاح حماس في إجراء انتخاباتها الداخلية في أصعب الظروف، بينما ظل الجمود سمة واضحة لقوي وفصائل بقياداتها التي لم تتغير رغم تغير أنظمة دولية، ولم تجرؤ علي تنفيذ انتخابات داخلية حقيقية لعشرات السنوات!.. لابد أن تعي حماس أن التغيير خلال هذه المرحلة، عبر الاستجابة لرغبة مشعل في التخلي عن رئاسة المكتب السياسي من شأنه التأثير علي القضية الفلسطينية، وبعيدا عن التزايد أو خلع القداسة علي الأشخاص فإن تخليه عن الموقع سيكون له تأثير سلبي. وإن حصل التغيير في حماس-في هذا التوقيت فسيؤثر ذلك علي المصالحة الوطنية الفلسطينية، خاصة بعدما حدث تقارب وصل الي التناغم بين خالد مشعل ومحمود عباس. وأنا في الواقع لم أفاجأ عندما عبرت قيادات الحركة ورموزها عن مناشدتها السيد خالد مشعل للعدول عن ذلك، وترك الموضوع لمجلس الشوري وتقديره للمصلحة العليا.