نجحت الأطراف الفلسطينية (لاسيما حركتي فتح وحماس) في انجاز عدد من الملفات المهمة، التي تمهد للمصالحة الشاملة بين الفلسطينيين، وسط رعاية مصرية أشاد بها الجميع، لكن هناك سؤالا يطرح نفسه، مفاده: ما مستقبل المصالحة في ضوء النتائج التي خلفها الانقسام الفلسطيني، المستمر منذ عام 7002 وهل تهدد العراقيل التي تواجه الأطراف الفلسطينية (سواء ما يتعلق بأزمة الثقة أو التباين في المواقف والتوجهات) المصالحة المرتقبة؟ منذ التوقيع (بالأحرف الأولي) في مايو الماضي، كان المحرك الأساسي الذي دفع حركتي فتح وحماس لإنجاز اتفاق المصالحة، مرتبطا برغبة الطرفين في تجاوز ضغوط الشارع الفلسطيني، الذي طالب طرفي النزاع بإنهاء حالة الانقسام، اتساقا مع هوجة الثورات العربية (مصر.. تونس.. ليبيا.. اليمن.. سوريا) لذا نجحت القاهرة في الجمع بين الحركتين (بحضور الفصائل الفلسطينية، والمستقلين)، عبر اجتماعات ثنائية ومجمعة، بهدف التوصل الي مخرج للأزمة. غير أن الشواهد تشير الي ان الأمور تسير عكس ما يشتهيه الشارع الفلسطيني والعربي، الذي ينظر للمصالحة باعتبارها طوق نجاة، حيث لا يزال الرئيس محمود عباس (أبو مازن) يتمسك ببقاء سلام فياض رئيسا للوزراء، بينما تصر حركة حماس علي استبعاده، وسط معلومات تتردد في الدهاليز عن اتجاه للابقاء علي الحكومتين ( في غزه، برئاسة إسماعيل هنيه.. وفي الضفة، بقيادة سلام فياض)، الي ما بعد إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية بعد ستة أشهر، وهو ما يعني اتفاقا ضمنيا من الحركتين علي إدارة الانقسام، وليس إنهائه. في كل مرة كان التوافق المعلن يصطدم بالعديد من المؤثرات الداخلية والخارجية، حدث ذلك منذ بدء الحوار الفلسطيني في القاهرة (من 51 - 71 مارس 5002)، بمشاركة اثنا عشر تنظيماً وفصيلاً فلسطينيا.. خلال تلك الجلسات تمسك الجميع ب »تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية، وتشكيل لجنة تتولي إعادة بناء وهيكلة المنظمة، علي ان تتكون اللجنة من رئيس المجلس الوطني وأعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة، والأمناء العامين للفصائل، وشخصيات وطنية مستقلة، والتمسك بالثوابت الفلسطينية، والحق الكامل في مقاومة الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس، والتشديد علي حق عودة اللاجئين، والالتزام باستمرار التهدئة، مقابل التزام إسرائيلي بوقف جميع أشكال العدوان علي الأراضي الفلسطينية والإفراج عن جميع الأسري والمعتقلين في سجون الاحتلال، والتحذير من أن استمرار الاستيطان وبناء الجدار وتهديد القدسالشرقية، حتي لا يتسبب في تفجير الغضب الفلسطيني«. وفي مايو 6002 وقع قادة فصائل (ممن يمضون عقوبة الأسر في سجون الاحتلال) ما يعرف ب »وثيقة الوفاق الوطني«.. كانت هناك جملة من العوامل التي انطلق منها الوثيقة لاسيما: »الشعور بالمسئولية الوطنية والتاريخية.. تعزيز الجبهة الفلسطينية الداخلية وصيانة وحماية الوحدة الوطنية في الداخل والشتات.. مواجهة المشروع الاسرائيلي الهادف لنسف حلم إقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة.. مواجهة مخطط التهويد عبر الجدار العنصري وتوسيع المستوطنات والاستيلاء علي الأغوار وضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية.. وضع إستراتيجية سياسية كفاحية تسهم في إنجاح الحوار الوطني، الذي تأسس بناءاً علي إعلان القاهرة«. ومنذ ذلك الحين والقاهرة تواصل عبر سنوات دفع جهود المصالحة حتي تمكنت مصر في النهاية من دفع حماس وفتح إلي البحث جديا عن التصالح ومع ذلك فانهم الان تقومان بإدارة الانقسام بدلا من إنهائه.