عندما طرحنا هنا منذ ثلاثة أسابيع مبادرة حملت عنوان (دولارك لبلدك) ووجهناها الي المصريين العاملين بالخارج فقد كانت عندي ثقة كبيرة في أن تلقي تلك المبادرة استجابة كبيرة لدي القطاع الأعظم من المصريين المغتربين لأكثر من سبب منها مثلا أن أبناء مصر في الخارج لايقلون وطنية - إن لم يزيدوا بدافع حنينهم الي الوطن- عن أبنائها بالداخل،كما أن عددا منهم قد عبروا عن رغبتهم في المشاركة في بناء مصر الجديدة بعد الثورة العظيمة لشعبها، وقد كانت رغبتهم صادقة بعد أن شاركونا واقتسموا معنا فرحتنا يوم 11فبراير الماضي عندما تنحي مبارك عن حكم البلاد، وهل نحن بحاجة لأسباب كي نقتنع برغبة أبناء مصر بالخارج المشاركة في بناء مصر وايجاد حلول لمشاكلها، الاجابة المؤكدة أننا لا نحتاج ذلك. المهم أننا أطلقنا المبادرة التي نالت اهتماما كبيرا لدي معظم الفضائيات وجري توضيحها بأدق تفاصيلها في التليفزيون المصري بقناتيه الأولي والثانية وقناة النيل للأخبار والنيل لايف وبعض القنوات الخاصة مثل أون تي في والمحور والرحمة وسي تي في، كما اهتمت بعض الصحف مثل المصريون والوفد وبعض المواقغ الاليكترونية الاخبارية بتلك المبادرة بعد أن قمنا بنشرها منذ أسابيع في تلك المساحة بجريدة الأخبار، وقد شاركتني بعض القوي السياسية والأحزاب في الاهتمام بالمبادرة لما رأوا فيها من تحقيق فائدة كبيرة لاقتصادنا الوطني وحل عاجل لأزمة القروض التي نريد استدانتها من الخارج، وقد أسعدني أن حزبا مثل النور قد سعي لدراستها والاتصال بي لمعرفة كيفية تفعيلها، وزادت سعادتي بالمبادرة عندما استجاب بعض المصريين العاملين بالخارج لندائها بل إن منهم من بادر بالمشاركة الفورية عبر ايداع بضعة آلاف من الدولارات في حسابه الشخصي بالبنوك المصرية كما أعرب بعضهم عن تبنيه للمبادرة ونشرها وسط عشيرته من المصريين بالبلاد التي يعملون بها، وقد جري تواصل الجميع عبر الصفحة التي أنشأناها علي موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك، وكان لدي العديد من المصريين بالخارج بعض الملاحظات حول آليات المبادرة لكن من بين تلك الرسائل والمداخلات حول المبادرة فقد أسعدني عتاب رقيق من بعض الأشقاء العرب لفكرة المبادرة ولشخصي بسبب اقتصار دعوتي (للمصريين) العاملين بالخارج فقط وأنهم كانوا يودون توجيه تلك المبادرة للعرب أيضا لأنهم لا يقلون حبا لمصر عن أبنائها من المصريين كما طالبني بعض القراء الأعزاء داخل مصر بأن يكون لهم مبادرتهم في انقاذ الاقتصاد المصري من عثرته عبر تبني مبادرة موازية لمبادرة دولارك لبلدك للمصريين العاملين بالخارج. كنا قد وجهنا فكرة مبادرة دولارك لبلدك لما يقرب من عشرة ملايين مصري يعملون بالخارج وتمنينا أن يودع كل واحد من هؤلاء يوم 25يناير القادم مبلغ الف دولار في حسابه الشخصي بالبنوك العاملة في مصر وأن يكون هذا التحويل في صورة وديعة لمدة عام أو اثنين حتي يتاح لتلك البنوك اقراض البنك المركزي (ممثل الحكومة في الاقتراض) اجمالي ماجري تحويله، وقد قدرنا تلك التحويلات حال استجابة المصريين العاملين بالخارج لها بحوالي ستة مليارات دولار، ومع سرعة انتشار المبادرة فقد تبنت السفارة المصرية بالسعودية جوهر الفكرة عندما حثت المصريين هناك علي زيادة تحويلاتهم الدولارية الي مصر بسبب العجز الكبير في الموازنة العامة للدولة خلال العام المالي الحالي بقيمة 185 مليار جنيه (أعلنت الحكومة عن خفضه الي 160مليار جنيه) مما دفع الحكومة للاعلان عن رغبتها لاقتراض 12مليار دولار من الخارج بسبب هذا العجز، كما أن جميع وعود الحكومات العربية والاجنبية بمساعدة مصر في أزمتها الاقتصادية ذهبت أدراج الرياح ولم يتم تنفيذ وعد واحد منها والحجج كثيرة مثل أن تلك المساعدات سوف تصل مصر بعد تشكيل البرلمان واتمام الانتخابات الرئاسية,بل إن بعض الحكومات العربية ربطت بين مساعداتها المالية لمصر وبين محاكمة الرئيس السابق، لذا كان لابد من البحث عن طوق نجاة وجاءت المبادرة لتشير الي أبناء مصر بالخارج. كان لابد من أن تتبني حكومة د. كمال الجنزوري المبادرة وأن تسعي لبلورة الأفكار التي وردت فيها اما بالحذف أو الاضافة حسبما تري الحكومة، وقد حرصت علي أن تصل المبادرة الي مكتب رئيس الوزراء منذ ما يزيد علي أسبوع حتي يتسني له قراءتها واطلاقها قبل الذكري الأولي لثورة يناير العظيمة، ويوم الخميس الماضي أعلن رئيس الوزراء في مؤتمر صحفي عن اطلاق شهادات دولارية لأبناء مصر العاملين بالخارج بفائدة أعلي من المتداولة بالسوق المصرفي وذلك لرغبة الحكومة في أن يشارك المصريون بالخارج في بناء مصر في تلك الفترة العصيبة، وايجاد بديل آمن للحكومة بدلا من شروط الاقتراض الخارجي. المؤكد أن أبناء مصر بالخارج سوف يستجيبون لدعوة رئيس الوزراء بعد اطلاق المبادرة من مجلس الوزراء وظني أن الحكومة المصرية حال تلقيها ايداعات المصريين بالخارج فإنه سيجري تنفيذها بشكل جيد وضخها داخل مشروعات وقنوات تبني البلاد حتي يمكننا اعادة اطلاق تلك المبادرة لدي المصريين بالخارج - ثانية - لمساعدة الاقتصاد المصري. في هذا الاطار فإننا نأمل من حكومة الدكتور الجنزوري ألا تتعامل باهتمام وقتي بالمصريين العاملين بالخارج بسبب حاجتها اليهم، فيجب أن يستمر الاهتمام الي مابعد ذلك.