عندما قامت ثورة يوليو 1952 تم الغاء الاحتفال بالثامن من مارس عيد ثورة 1919 التي كانت حتي ثورة 25 يناير هي أكبر ثورة في تاريخ مصر الحديث فكيف لا يكون 25 يناير عيدا للثورة الأكبر من 1919 . وكيف يفكر البعض أن يظل اليوم كما هو عيدا للشرطة . وهو في الأصل عيد ابتدعه جمال عبد الناصر تقديرا لوزير داخليته شعراوي جمعة او حتي تقديرا للشرطة ضمن باقة من الاعياد النقابية أو المهنية مثل عيد العلم وعيد الفلاح وعيد الام وغيرها . لم يكن في هذا اليوم مثل غيره من أيام الأعياد المهنية أجازة لكن ابتدعها النظام السابق لحسني مبارك وكلنا كنا نعرف ان هذا اليوم الذي كان مكرسا لتكريم بعض قيادات الشرطة لم يتوقف فيه ضرب وتعذيب وإهانة الناس في السجون وأقسام البوليس . بل لم يتم فيه اي اهتمام بأفراد الشرطة الصغار من ضباط وامناء شرطة وجنود . أكتب هذا الكلام بمناسبة حلقة شاهدتها في قناة دريم وحضرها الكاتب الكبير عز الدين شكري وخبير أمني ومسؤول جمعية الشرطة والشعب . لن أعلق علي ما قيل لأني من البداية اندهشت من إثارة موضوع لا معني له . ورغم مقاومة وعمق تحليل عز الدين شكري لأ فكار السيد الخبير الأمني الذي مع الطرف الثالث حاولا ان يتوسطا الأمور كأن هناك موضوعا أصلا أو مشكلة حقيقية . المشكلة الحقييقة هي ماقاله عز الدين شكر ي وهو أن الاحتفال بعيد الشرطة سيؤجج الكراهية لها من الثورة والثوار .وبعيدا عن هذا كله . ما معني أن نضع عيدا مهنيا في مقابل ثورة هي الأكبر في التاريخ والاعظم حتي الآن في تاريخ البشرية كلها يتوقف عندها العالم بانبهار واجلال . ثورة لا تزال حتي الآن ترفع راية السلم في وقت رفع فيه النظام السابق ممثلا في شرطته كل وسائل القمع والقتل .قبل ان ينتقل الامر للاسف الي قوات من الجيش .وهو ما ارجو ألا يتكرر ابدا . وضع عيد الشرطة في مواجهة مع عيد الثورة المجيدة أمر مضحك ومثير للسخرية . وبعيدا عن عيد ثورة 1919 الذي ألغته ثورة يوليو وحكامها ففي ثورة يوليو وتاريخها نفسه ما يجعل المسألة في غاية السهولة . كان لدينا عيد الجلاء في 18 يونيو خروج آخر جندي انجليزي من مصر وكان اجازة رسمية في الخمسينات ثم ألغيت الاجازة . وكان عندنا 23 ديسمبر عيد النصر علي العدوان الثلاثي والغي وحل محله 6 أكتوبر . وهكذا ففي التاريخ تذهب الأعياد لتفسح الطريق لأعياد أخري . تظل الاولي بين الكتب وتجد الجديدة طريقها في الحياة حتي تحل مناسبات أخري . لا أريد أن أقول انه في يوم 25 يناير 1952 حين لم تستسلم الشرطة في الاسماعيلية للقوات البريطانية كان ذلك بأمر من وزير الداخلية الوفدي الكبير فؤاد سراج الدين الذي كان رجلا مدنيا . لكن أحب ان أقول ان هذه لم تكن علامة المقاومة الوحيدة في شعب مصر . كانت ثورات الشعب لا تنتهي ضد الانحليز وكان البوليس السياسي اداة للانجليز وحكومات الاقلية من سعديين واحرار دستوريين وغيرهما . أيها الناس أفيقوا واخرجوا بنا من هذا الجدل العقيم . 25 يناير هو عيد الثورة المجيدة في تاريخ مصر والأكبر والأعظم حتي الآن . واذا كان هناك إصرا ر علي عيد للشرطة فليكن في يوم آخر مثل يوم افتتاح اول كلية للبوليس مثلا في مصر أو يوم افتتاح اكاديمية الشرطة . الثورة ضد الاحتلال بدأت مع عرابي ولم تنقطع . ويوم 25 يناير 52 19 كان شيئا عاديا في مقارنته بتضحيات الشعب المصري بكل فئاته . وعلي الذين يبحثون عن نوع من المواءمة بين المناسبتين أن يكفوا عن هذا الجدل الذي بلا طائل . 25 يناير كعيد للشرطة انتهي حتي لو أسرعت الشرطة للتحول لتكون شرطة للشعب وليس ضد الشعب .الشعب الذي انتزع منها في صورتها القديمة إرادته. 25 يناير هو عيد الثورة المجيدة التي أعادت مصر الي تاريخها الحقيقي . وعلي الشرطة ان تبحث لها عن يوم آخر مما ذكرت علي الاقل اعترافا بثورة الشعب وإقرارا بأنها لم تعد شرطة العهود السابقة . وليس في هذا اي انتقاص لها .وحبذا لوكان هذا اليوم غير ما قلت . يوم أن يكون وزير الداخلية رجلا مدنيا كفؤاد سراج الدين الذي أمر الشرطة أن تقاوم الاستعمار لا الشعب , ويخرج علينا هذا الوزير بالاعتذار عن عصر كامل من إهدار حقوق الناس . سيكون هذا عيدا حقيقيا للشرطة .