قد نظنه مبالغاًً أو منافقاً علي الأقل عندما نسمعه يتحدث عبر قناة فوكس نيوز الأمريكية مؤكداً: إن حياة اليهود كانت أفضل قبل قيام دولة إسرائيل اليهودية؟! وتزداد الدهشة عندما يصدر هذا الكلام عن أحد حاخامات اليهود البارزين، المفترض أنهم كرجال دين متشددين ينعمون ويستمتعون لأقصي مدي بالجمع بين السلطتين: الدينية والإدارية وهو ما لم يتحقق لهم إلاّ بعد قيام دولتهم الدينية الاستعمارية. تتراجع الدهشة عندما نعرف أن هذا الحاخام يدعي يسرول ويس يعبر عن تيار جماعة اليهود المتحدين ضد الصهيونية. وهو التيار الديني الذي يرفض أن يكون لليهود دولة وإنما عليهم الانتشار ك: "جاليات" داخل الدول كما عاشوا من قبل، طبقاً لمعتقداتهم الموروثة. وفي شهادة ثانية تؤكد الأولي قام بنشرها: الباحث والكاتب الفلسطيني عيسي القدومي، نقلاً عن تصريحات أدلي بها الحاخام آرون كوهين من منظمة "نتوري كارتا" المناهضة للصهيونية لوكالة يونايتدبرس الأمريكية قال فيها: [ إن الرسالة التي نوجهها إلي الفلسطينيين هي: لا تتخلوا عن حقكم، ولا تيأسوا وتستسلموا.. لأن الدولة الصهيونية كيان مصطنع، زائف، متصدع، ولا يمكن أن يستمر، وسيأتي وقت زواله قريباً]. وأردف الحاخام آرون كوهين مندداً بإسرائيل أضعاف تنديد الفلسطينيين،والعرب بصفة عامة بها، فيقول: [إنني أقارن دائماً بين إسرائيل وبين ما حدث للاتحاد السوفيتي، ونظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وأتوقع أن يحدث الشيء نفسه للدولة الصهيونية. إن رسالتنا إلي "إسرائيل" هي التراجع وعزل نفسها عن السياسات العمياء والخاصة بالعصر الحجري، والنظر بعقلانية إلي الأمور والتفكير في البشر وليس في الدولة؛ لأن دولة إسرائيل برمتها لا تستحق حياة شخص واحد. ونحن نريد أن نري وضعاً يعم فيه السلام ولا يفقد أي شعب أرضه أكثر من وجود إسرائيل]. وتتوالي مفاجآت الحاخام اليهودي آرون كوهين فيجيب عن سؤال لوكالة الأنباء الأمريكية حول إمكانية واحتمال قيام منظمته "نتوري كارتا" بتوجيه تهم ارتكاب جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني ضد المسئولين الصهاينة؟! قائلاً: [ نحن مستعدون لتقديم شهادات أمام أي محكمة، إذا ما جري استدعاؤنا، ولا اعتقد أننا سنتخذ مثل هذا الإجراء؛ لأننا لسنا حركة سياسية، بل دينية تركز نشاطها في مجال التفريق بين اليهودية والصهيونية، ونترك مثل هذا النشاط والعمل من أجل إحداث التغيير للسياسيين]. المفاجأة الكبري في تصريحات هذا الحاخام كانت عندما قرأت معارضته لتصنيف إسرائيل، والدول المتحالفة معها، لحركة "حماس" علي أنها: منظمة إرهابية لقتل الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ إسرائيل، في حين أنه أي الحاخام يري أن حركة "حماس" تضم أناساً صادقين، ويدرك السبب الذي تكافح من أجله، ويصلي كي لا يقع المزيد من أعمال العنف (..). ومن المفاجأة الكبري إلي المفاجأة المذهلة التي صاحبت الحل الذي اقترحه الحاخام كوهين للمشكلة المزمنة، العتيقة، المعروفة ب: "قضية الشرق الأوسط" ، قائلاً: [ إن دعوتنا لتفكيك إسرائيل تمثل الحل الواقعي لمشكلة الشرق الأوسط. فبدلاً من حل الدولة الواحدة الذي ظلت القيادات الإسرائيلية متمسكة به، أري أن يقرر سكانها اليهود البقاء في فلسطين إن أرادوا طبعاً أو العودة إلي دول الأصل] . .. وللحديث بقية.