القراءة هي الذاد والعيش.. منذ ثورة يناير تركت الكتب المختلفة جانباً وأعدت قراءة كتب الثورات الشعبية وعشنا عاما كاملاً بين الأحداث السريعة والمتلاحقة التي أفقدتنا جزءاً من توازننا بعد فترة ركود امتدت لثلاثين عاماً إلي أن فاجأني الشاعر والأديب والكاتب الساخر ياسر قطامش بإصداره الجديد »عشرة طاولة مع الملك فاروق« أثارني العنوان الذي تخيل فيه قطامش أنه يلعب الطاولة مع الملك فاروق ويحاوره ليقدم لنا حقائق تاريخية عن فترة الحقبة الملكية في مصر.. وضعته بجانب وسادتي ورغم أنه من القطع الصغير الذي يُقرأ خلال ساعات قليلة عشت أياماً أنظر لغلافه الجذاب قبيل النوم لأحلم بقطامش والملك فاروق يلعبان الطاولة »خير اللهم اجعله خيراً« أحسست بالخجل من قطامش وفاروق اللذين ينظران إليّ من غلاف الكتاب كل مساء.. ولأن رأسي امتلأ عن آخره بكل أحداث العام حتي شعرت بالدوخة والغليان أوقدت شمعة بميدان التحرير وعدت فوراً للبيت لأكمل سهرة العام الجديد وحدي مع قطامش والملك فاروق ولماذا لا.. فهما لم يشعراني بالوحدة حتي بزغت شمس اليوم الأول من العام الجديد التي أحسست معها أنني أريد إعادة قراءة الكتاب مرةً أخري.. وإذا كان قطامش أهداني ال »عشرة طاولة« وأكد أن المشاريب علي حسابه كما جاء في كلماته التي تركها لي بالإهداء أقول له أن المشاريب يجب أن تكون علي حسابنا فقد أمتعتنا وأعدتنا لعصر الملوك والطرابيش ورويت لنا التاريخ في قالب ساخر جذاب من سعيد باشا قتيل المكرونة ومروراً بقفشات سعد زغلول والنحاس وطربوش نوبار وحكايات بنايوتي وكوستا وأم كلثوم ومجلات الحمير والبني آدمين وجرائد العفريت والكرباج وأبو نواس وحتي السهرة التاريخية مع الملك فاروق.. لقد شعرت أنه فاتني نصف عمري حين تركت الكتاب علي وسادتي لأسبوعين كاملين قبل قراءته فعذراً قطامش وأوقاتا سعيدة ومبهجة لكل من يقرؤه.