نعم أين الحق ومن صاحبه ؟ وأين الحقيقة ومن يملُكها فيما يحدث في المشهد المصري الذي صار مخيفا ومحيرا وغامضا ؟ لم تعد هناك إجابة وافية ولا شافعة ولا كاملة .. ولا إجابة يمكن أن ننطلق منها أو نتفق عليها نحن المصريين الطيبين المسالمين المتسامحين الشرفاء من الذين ثرنا علي الحاكم الباغي، وخرجنا علي الظالمين ننشد الحرية والعيش الكريم والعدالة الاجتماعية فإذا بنا نقع في براثن من هم أشد ظُلماً وظلاما ً، وفجورا وانتقاما، وحيدة عن الحق وتضليلا، وإذا بهم يطعنون شبابنا من أبناء وبنات الثورة، ومسانديهم من أبناء مصر الطاهرين علي مختلف أطيافهم ممن استقبلت السماء شهادتهم بالفرح والحبور، وانتشت أرض مصر الطيبة بدمائهم الذكية .. في مشهد ينال من القلوب ويبكي العيون ويدمي الروح . إلي كُل هؤلاء أقول لهم إن الحق لايضيع، وكلمة الحق لاتغيب، فاصمدوا حتي ينبلج فجر الصدق، فتظهر الحقائق الغائبة من تحت تلال الأكاذيب. ومع أن نور الحقيقة لايمكن تجاهله، إلا أنه قد يصعب أحيانا تمييزه، ربما لأنه يسكن في نهاية النفق المُظلم مؤقتا، لذا قررت أن أذهب إلي تعريفات أعرف العارفين، وأطهر المحللين، وأبصر المبصرين، وصاحب عقل من أرجح وأخبر عقول المفكرين - علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه كي أبحث لديه عن الحقيقة .. يقول علي بن أبي طالب الكثير عن أحوال الحق وأهله وطريقه، وعن صفات أهل الجهل والضلال، وأخيرا عن مواصفات الحاكم العادل! أما عن الحق وشواهده فيقول: دولة الباطل ساعة، ودولة الحق حتي قيام الساعة . اعلموا أنكم في زمان القائلُ فيه بالحق قليل، واللسان عن الصدق كليل، والملازم للحق ذليل . لاتستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه. أما مارصده عن قوة المظلوم فهو : يوم المظلوم علي الظالم، أشد من يوم الظالم علي المظلوم . ظُلم الضعيف أفحش الظُلم، والظُلم يدعو إلي السيف، وخاب من حمل ظُلما . أما عن تحذيراته من المدعين بالحق : احذر كل عمل يُعمل به في السر، ويُستحي منه في العلانية . لعن الله الآمرين بالمعروف التاركين له، والناهين عن المنكر والعاملين به . اثنان يهون عليهما كل شئ، عالم عرف العواقب، وجاهل يجهل ماهو فيه . أحمق الناس من أنكر علي غيره رذيلة وهو مُقيم عليها . ألا وإني أُقاتل اثنين : رجلا ادعي ماليس له، وآخر منع الذي عليه . العامل بالظُلم، والمعين عليه، والراضي به: شركاء ثلاثة . أما عن المتحدثين الجهلاء فيقول : لاتنظُر إلي من قال، وانظُر إلي ماقال. العاقل إذا سكت فكر، وإذا نطق ذكر. لاخير في الصمت عن الحُلم، كما أنه لاخير في القول بالجهل . من أراد عزا بالباطل، أورثه الله ذُلاً بالحق. لاتجعل يقينك شكاً، ولاعلمك جهلاً، واعلم أنه ليس لك من الدنيا إلا ماأعطيت فأمضيت ،وقسمت فسويت ،ولبست فأبليت. الأحمقُ إذا حُدث ذهل، وإذا حدّثَ عجل، وإذا حُمل علي القبيح فعل. وأخيرا عن مواصفات الحاكم العادل : الذليلُ عندي عزيز حتي آخذ له حقه ،والقوي ضعيف حتي آخذ الحق منه . قلوب الرعية خزائن راعيها، فما أودعه فيها من عدل أو جور وجده فيها . إن شر وزرائك من كان للأشرار قبلك وزيرا، ومن شركهم في الآثام قلوب الرعية .. مسك الكلام: كلمات لرجل حق .. من زمن الحق .. في وقت البحث عن الحق .. فمن شاء فليقرأ .. ومن شاء فليفهم، ومن شاء فليصمت !