د.مدحت العدل ظللت طوال الأسبوع المشئوم الذي مر بنا في حالة حيرة بالغة تتناقض داخليا بشكل لم يحدث لي من قبل فكل الأمور مختلفة مشوهة مبتورة ما أن تبدأ في الاقتناع برأي ما تجاه موضوع ما حتي يظهر دليل جديد علي أن اقتناعي غير كامل.. أغير وجهة النظر متبنيا اخري ما تلبث ان تتغير نتيجة معطيات جديدة. حتي الكتابة نفسها ترددت عشرات المرات وقررت الاعتذار عن المقالة هذا الأسبوع.. فماذا تفيد الكلمات مع كل بحور الدم التي سفكت وكل هؤلاء الشهداء الذين راحوا نتيجة جهلنا جميعا وعبائنا وجرينا نحو مصالحنا الذاتية ولا استثني احدا.. ما فائدة كل تلك المقالات التي تملأ مئات الصفحات في كل الجرائد وما جدوي كل هذا اللجاج المقيت في قنوات التليفزيون التي تملأ حياتنا ليل نهار بمحللين ومثقفين يزايدون والناس تموت في الشوارع سحلا وضربا بالرصاص.. والمصري يتربص بالمصري.. العسكري بالمدني وكأننا عدنا لزمن اهل بيزنطة نتجادل حتي تسقط الدولة.. هل اعادة حكي ما حدث له فائدة وكلنا نعلمه؟1 هل أجد جديدا أقوله؟! امس بزهق قاتل واكتئاب ليس له مثيل ولا ألوم طرفا عن طرف.. بل كلنا في الهم والعار والخزي سواء؟! نبدأ بالمجلس العسكري.. من الذي اعطي الاوامر لهؤلاء الجنود للتعامل بتلك الوحشية مع أي مصري مهما كانت صفته.. سيدة.. بنت.. طالب طب.. بلطجي .. طفل شوارع.. اين ذهبت الحكمة وضبط النفس والأهم الاحساس بان كل هؤلاء مصريون مهمة الجيش الاولي - والتي نعلمها علي مدار تاريخه بكل الشرف والفداء هي حماية هذا الشعب.. كيف انفلت الزمام بهذه الطريقة.. نعلم ان الجيش تحمل ما تحمل في ظل ظروف بالغة التعقيد ولكن هذا الواجب هو قدر جيش مصر لا تفضل منه ولا محاولات البعض معايرة المصريين بأنهم لولا وقوف الجيش ما نجحت الثورة لان - مع اعترافنا بدور الجيش - الثورة كانت ستنجح حتي لو مات ملايين المصريين.. وستنجح اقولها الآن - حتي لو متنا جميعا.. الماضي لن يعود.. جميل ان يقدم المجلس العسكري اعتذارا الي شعب مصر ونسائها وان يعلن ان هناك محاكمات عسكرية في احداث القتل والعنف وجريمة كشف العذرية.. لكن السؤال الذي سألته مرارا وتكرارا لماذا هذا التباطؤ الغريب ولماذا بعد ان تحدث الكارثة نصدر القرارات.. الله يعلم اني - وكل المصريين - نعتز بجيش مصر العظيم الذي نعلم انه جيش الشعب واقول وشهادتي للتاريخ وسوف احاسب عليها يوم القيامة.. ان المشير كان ضد التوريث وضد فساد ورجال الاعمال ولم ينقل لي احد هذا الرأي بل سمعته منه شخصيا اثناء احتفالات اكتوبر.. بل ان انحياز الجيش للثورة وللشعب المصري لم يكن مفاجئا لي.. لكن ما يدهشني ان طريقة ادارة البلاد رغم صعوبة المهمة .. لم تكن ابدا علي المستوي المطلوب بل هناك اخطاء كارثية وشهداء ودم مصري في رقبة من يديرون شئون البلاد وسوف يسألون عنه يوم القيامة حيث لا ألقاب ولا اسلحة بل عدل مطلق من العادل الذي لا تغفل له عين، الامر يحتاج الي اعادة نظر في كل شيء ولا يحتاج ابدا الي مثل هذه المؤتمرات الصحفية التي هي اسئلة بلا اجابات تربك اكثر مما توضح.. وتجلب الاسف اكثر مما يظن عاقدوها.. نحن ننتظر منكم الكثير والقادم اصعب مما مضي وسيأتي يوم تسأل كل نفس عما فعلت اما القيادات السياسية والمنتشرة كالاورام السرطانية في كل مكان فهي تدعو للرثاء اكثر مما تدعو للعتاب.. انهم ذاتيون منتفعون يسجلون المواقف ولا يواجهونها.. وكلما حدثت كارثة اطلق كل منهم تصريحا يرفض فيه بعنترية بلاغية استخدام العنف المفرط ضد الثوار ثم يذهب ليجلس في جلسات كلامية أو مؤتمر معد من اجل كرسي البرلمان او الرئاسة.. لماذا لم يذهب هؤلاء المتبجحون بأنهم من الشعب الي الشباب المعتصم امام مجلس الوزراء اما لاقناعهم بأن الاعتصام هو في الزمان والمكان الخطأ أو الانضمام اليهم علي الاقل كدرع داق لن يقترب منه احد لانهم نجوم سياسة لهم علاقات دولية تحميهم.. اما انتظار الكارثة ثم الاستقالة من مجلس استشاري مهمته الاولي التدخل في الازمات او اطلاق تصريح من يعلم انه يغازل الشباب فهو نفاق واسترزاق لا يليق بمن يتطلعون لحكم مصر.. اما التيار الاسلامي فحالته حالة.. يعلم ان الثمار قرب قطافها فلا يهمه ان تتعري امرأة مصرية في الشارع وتنشر صورتها في كل وسائل الاعلام في العالم.. بأن بعضهم هاجمها.. لماذا نزلت؟! يالا للبجاحة.. هؤلاء المتباكون علي اي سنتيمتر يظهر من المرأة حيث شياطين الجن والانس تبدد مع الجزء العاري.. لا يأبهون لما حدث.. ما هذا النفاق والتروي والتلوث المقيت الذي اصبحنا نعيش فيه.. نداء أخير الي شباب مصر الذي لم يحس انه قام بثورة ذهبت كل مكاسبها لمن لا يستحقها.. ارجوكم خذوا استراحة محارب حتي 52 يناير.. نظموا صفوفكم وتذكروا اروع شعار للثورة هز العالم عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.