كلما تصورنا أن الأيام السوداء الدامية قد انتهت وتمنينا ألا تعود.. تأتينا مزيد من الأيام الأكثر سوادا وكأن طيور الشر تأبي أن تحلق بعيدا عن أرض الوطن- ولو إلي حين- حتي نلتقط أنفاسنا ونهدأ ونفكر في مستقبلنا. نوبات مقصودة من العنف تفجرت بعد انتهاء المرحلة الأولي من الانتخابات البرلمانية وتعود لتتفجر مع نهاية المرحلة الثانية من عرس الديموقراطية الذي تحول إلي مأتم بكرسي في الكلوب ألقاه الطرف المجهول الذي يندس بين الناس ليخرب ويقتل ويجرح ويحرق كيف يشاء ثم يتبخر ويختفي دون أن تجد له الشرطة أثرا ! الطرف المجهول أصبح الشماعة التي تعلق عليها الجرائم وتنسب إليها الأحداث الجسام والمفروض أن نقبل بهذا التفسير البعيد عن المنطق.. إن مجرد ظهور البلطجية المتوالي داخل الأحداث الهامة وقدرتهم علي التدخل العنيف لإشاعة الفوضي وتغيير ميزان الأمور لهو دليل علي عدم الجدية في السيطرة علي هذه الفئة الفاسدة. لماذا لم يتم القبض من ارتكبوا أحداث العنف في البالون والعباسية وماسبيرو ومحمد محمود وأخيرا في أحداث فض إعتصام مجلس الوزراء وما صحبه من عنف يندي له الجبين ؟ بينما تم القبض علي آلاف الشباب الناشطين وقدموا للمحاكمات العسكرية.. إن عودة الأمن الي الشارع خلال الأيام القليلة الماضية أعاد لنا الأمل في استعادة الاستقرار والأمان وبدأ الجنزوري في مباشرة أعماله من مبني معهد التخطيط القومي بعيدا عن مبني مجلس الوزراء الذي اعتصم أمامه عشرات من أهالي شهداء ومصابي الثورة وأكد الجنزوري أن الاعتصامات لن تفض بالقوة ولا حتي بالإهانة اللفظية.. ولكن حدث العكس ومهما كان سبب اشتعال الشرارة الأولي فالكارثة هي تشويه صورة جنود الجيش وضباطه بعد أن دخلوا في مواجهات عنيفة مع المعتصمين ورأينا علي الشاشات الضرب المبرح للمتظاهرين دون تمييز وعلي الرأس بصفة خاصة.. رأينا الفتيات تضرب وتسحل دون رحمة حتي انتزعت ملابس بعضهن في تعمد لاهانتهنٍ حتي لا يعدن للتظاهر!.. سمعنا روايات بعض المصابين عما لاقوه من تعذيب.. شاهدنا شبابا مشوهين من الضرب ومنهم العبودي أول من اختطف وعذب لأن كرته دخلت الي فناء المجلس! كنا نشكو من ممارسات الأمن المركزي وأمن الدولة وصدقنا إعلان وزير الداخلية الجديد اللواء محمد ابراهيم أن الشرطة لن تتدخل لتفريق المظاهرات فانتقلت المهمة بكاملها إلي قوات الجيش الذي خسر الكثير من الشعبية والثقة التي كان الشعب يكنها له علي مدي عقود ثم عاد الأمن المركزي ليمارس قمع المتظاهرين.. وهنا نتساءل لماذا لا تعالج الأزمات بقرارات سياسية سريعة قبل أن تستفحل الأمور وتراق الدماء الطاهرة بأيد مصرية؟ ولماذا تتصدي قوات الجيش لهذه المواجهات فنري منهم ما لم يخطر ببالنا من قسوة ؟ ولماذا تترك الحرائق مشتعلة علي مدي ساعات فتأتي علي المحتويات التاريخية لمبني المجمع العلمي التي لا تقدر بثمن دون أن تصلها سيارات المطافيء الرابضة علي بعد أمتار ؟ من المسئول عن مقتل الشهداء ومنهم أمين دار الافتاء الشيخ عماد عفت الذي خرجت في جنازته المهيبة الآلاف من المشيعين ؟ لماذا لم يتم القبض علي الأشخاص الذين ألقوا الحجارة والمولوتوف علي المتظاهرين من أعلي مبني مجلس الشعب لعدة ساعات كيف صعدوا لأعلي المبني الخاضع لحراسة مشددة من القوات المسلحة ؟ ومن أين جاءوا بتلك الكميات من الحجارة؟ تعددت علامات الاستفهام دون أن نجد إجابات شافية تحترم عقولنا. نريد محاكمة تلك الأيدي الخفية. والأهم أن يتوقف العنف ضد المتظاهرين فورا حقنا للدماء. كلمة أخيرة للإخوان والسلفيين المشغولين بنتائج الانتخابات عن الأحداث الجسام هل التكويش علي السلطة أنساكم مصريتكم ؟