لم أصدق نفسي وأنا أقف لأول مرة في حياتي في الطابور امام معهد بحوث النباتات بالدقي لكي أؤدي واجبي في أول انتخابات برلمانية حقيقية تشهدها مصر.. اختلط الواقع عندي بالخيال.. هل مازلت في مصر أم أنها أحلام يقظة؟! عدت بذاكرتي قليلا الي قبل شهرين عندما ذهبت الي كوبنهاجن لمتابعة التجربة الدنماركية في الانتخابات.. وقتها كان همي، وهم اغلب الزملاء الاعلاميين، ألا نبدو كمن جاءوا من كوكب آخر.. فقد رأينا ان المقارنة صعبة ان لم تكن مستحيلة.. فكل شيء يتم بسهولة، واليوم الانتخابي هو يوم عرس وطني، لابلطجية، ولاتسويد بطاقات ولا اموات يؤدون واجبهم الانتخابي. اعترف انني رأيت الطريق طويلا واكتفيت بالتمني. الآن استطيع أن اؤكد بنفس مطمئنة أنني كنت متشائما اكثر من اللازم، وكان المصريون كعادتهم اكثر روعة مما رأينا او اعتقدنا.. رأيت طابور الدقي احسن وأفضل من كل الطوابير التي رأيتها في كوبنهاجن. رأيت كيف يسع الطابور كل المصريين علي اختلاف اطيافهم، رأيت الصغير يبدّي الكبير علي نفسه وبسعادة، شاهدت السلفي الملتحي وهو يصر علي ان يجعل القسيس يتقدم عليه في الصف. رأيت مصر في طابور طويل كل من فيه عينه معلقة ب »بكرة«.