من كل بيت.. من كل حارة.. من كل شارع خرج المصريون عن بكرة أبيهم للإدلاء بأصواتهم في أول انتخابات يشعرون معها أن الصوت سيؤثر فعلا علي مستقبل مصر.. انتخابات لا يستطيع فيها كائن من كان التدخل لتغيير مجراها لصالح حزب أو مرشح أو اتجاه بعينه. إنها المرة الأولي التي نري فيها بأم أعيننا مراكز الفرز وقد امتلأت بالصناديق.. المرة الأولي التي تجري فيها عملية فرز حقيقية ورقة ورقة.. المرة الأولي التي تخرج النتيجة طبقا للعلامات التي أشار بها قلم المواطن.. المرة الأولي التي نشعر فيها أن هناك بلداً، وأننا مواطنون مسئولون عن هذا البلد ، وأننا نملك صوتنا وقرارنا بأيدينا. ما من مرة جرت فيها الانتخابات في مصر إلا وكانت الصحف ووكالات الأنباء العالمية تهتم بمتابعتها، ولكن مبعث الاهتمام كان بغرض الحصول علي لقطات ومشاهد غريبة وعجيبة لا يحظي العالم برؤية مثلها إلا في بلدنا!.. مشهد اللجان وهي خاوية علي عروشها اللهم إلا من المندوبين الذين كانوا يتكفلون بأنفسهم بسد الخانات لصالح المرشح الذي يدفع لهم.. هذه المشاهد المخزية كانت لا تستغرق من المراسلين وقتا ولا تحتاج جهدا للحصول عليها.. لقد كانت أشبه بمسرحية هزلية لمؤلف فاشل وممثل ومخرج ومشاهد واحد يؤديها علي مسرح مظلم معتم! هذه المرة.. المشهد غير مسبوق.. المسألة احتاجت إلي جهد وعناء.. فالطوابير طويلة.. الأحاديث التي تجري متنوعة ومختلفة وتحتاج إلي وقفات وتوقفات طويلة من المراسلين لكي يسمعوا ويتحاوروا ويرصدوا ويلتقطوا المشاهد. الحمد لله.. أستطيع الآن أن أشهد أن مصر قد وضعت أقدامها علي الدرجة الأولي من سلم الاحترام.. اللهم تمم لبلدنا بالخير!