في مسابقة عربية لرسوم الأطفال كان الموضوع حول كلمة »رصاص« وجاءت التعبيرات تلقائية صادمة، فوجدنا مدفعاً بجوار علم ملطخ بالأحمر »دم شهيد«، ورسم آخر جندي يلقي وابلاً من رصاص، ورسم طفل آخر »قلم رصاص« وكان الأخير هو مصري كل ما يعرفه عن الرصاص هو أنه قلمه الذي كتب به، حقاً لم يفز هذا الطفل المصري بالمسابقة ولكنه فاز بالسلام وبالأمان تلك الذاكرة النقية التي لم تعاصر الحرب أو الرصاص، في بلد لم تشعر سوي بالأمن والأمان. لقد عدت بذاكرتي وتخيلت ماذا لو قام أحد أسلافنا وأجدادنا وجلس يتصفح جرائد الصباح المتعددة بالطبع لن يصدق أنها مصر التي تركها منذ سنوات وهي لا تستطيع أن تتنفس أو تتنهد وقتها فكل شيء ممنوع، حتي التلميح بأي إسقاطات أو حتي الإشارات بالفم أو بالقلم كانت كافية لدخول السجن من أوسع أبوابه. ماذا أيضاً لو أجدادنا الوافدون من عالم الماضي إذ سمعوا صوت المتظاهرين أو أصحاب الوقفات الاحتجاجية مطالبين بحق من الحقوق أو معترضين علي موقف ما، فسوف يتعجبون فهم لم يروا كمثل هذه المظاهرات سوي بما شاهدوه في ثورة 9191، والرصاص الذي أطلق عليهم والتي أودت بحياة »ابن سي السيد« بطل ثلاثية نجيب محفوظ. فكيف بعد أن عبرنا أبوابنا المغلقة واسترجعنا حرية الرأي، فكيف نكتم الأفواه ونكسر الأقلام.. كما لا يفوتني أن أشيد بكل مواطن حر يرفض الردة والسلفية ويعارض كبت الحرية إشادة بموقف حزبي الوطني في دلالة أكيدة أثبت أنه حزب وطني مصري شعبي عندما أدان أحد أبنائه لينصف كل أبناء مصر. والآن أتساءل علي من نطلق الرصاص؟؟؟ بالطبع رصاص لا يستهدف خلق الله.. ولكنه يستهدف الثعالب الصغيرة المفسدة للكروم، كما أنه هو الرصاص الذي يستهدف الفساد وما بداخلهم من فساد ما بين الملايين والملاليم، أيضاً يطلق علي الخوف والوساطة والمحسوبية والوصولية والتسيب والفتنة والظلم والكراهية، ونطلقها علي الأفكار السلبية والانهزامية واللامسئولية، وإن كان ولابد أن نطلق الرصاص »فللأسف الرصاصة لا تزال في جيبي«.