وزير الخارجية: مصر تتبنى نهجًا شاملًا في ملف حقوق الإنسان    وزير الخارجية: سنرد بالقانون الدولي على أي ضرر من سد النهضة    وزيرة التنمية المحلية ومحافظ بورسعيد يتفقدان أولى مراحل الكورنيش السياحي    الكهرباء تكشف خطوات فحص وتغيير عدادات الاستهلاك    قرار هام مرتقب للبنك المركزي يؤثر على تحركات السوق | تقرير    غزة والسودان والحقوق المائية، وزير الخارجية يكشف خطوط مصر الحمراء بعدد من الملفات    صحيفة إسرائيل اليوم: لقاء نتنياهو وترامب المرتقب سيختتم بإعلان المرحلة الثانية من اتفاق غزة    استشهاد فلسطيني وإصابة 3 آخرين في بيت لاهيا    موعد المران الختامي لمنتخب مصر استعدادا لجنوب أفريقيا    الكيك بوكسينج يعقد دورة للمدربين والحكام والاختبارات والترقي بالمركز الأولمبي    ضبط استوديو تصوير فيديوهات برامج وإعلانات بدون ترخيص بالتجمع الأول    ضبط ورشة لتصنيع الأسلحة والذخيرة في قنا    الداخلية تضبط أكثر من 13 طن دقيق فى حملات على المخابز السياحية والمدعمة    الصحف الصينية: زيارة رئيس جامعة القاهرة إلى بكين تعزز التعاون الأكاديمي والبحثي    الصور الأولى لقبر أمير الشعراء أحمد شوقي بعد إعادة دفن رفاته في «مقابر تحيا مصر للخالدين»    السبت.. استضافة الخبير الإسباني العالمي خوسيه فرنانديز بمجمع السويس الطبي للكشف الطبي المجاني    الصحة تعلن اختتام البرنامج التدريبي لترصد العدوى المكتسبة    توقيع اتفاق لتحويل مصر إلى مجتمع معرفي مبتكر مستدام    أحمد البطراوي: منصة "مصر العقارية" الذراع التكنولوجي لوزارة الإسكان وتستوعب مئات آلاف المستخدمين    التشكيل المثالي للجولة الأولى في كأس الأمم الإفريقية.. صلاح ومرموش في الصدارة    «مدبولي»: توجيهات من الرئيس السيسي بسرعة إنهاء المرحلة الأولى من حياة كريمة    التطرف آفة العصر، ساويرس يرد على كاتب إماراتي بشأن التهنئة بعيد الميلاد    المتحدث العسكري: قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أبريل 2026    «تغليظ عقوبات المرور».. حبس وغرامات تصل إلى 30 ألف جنيه    استقرار نسبى فى اسعار الأسمنت اليوم الخميس 25ديسمبر 2025 فى المنيا    عون: لبنان الجديد يجب أن يكون دولة مؤسسات لا أحزاب    أشرف فايق يطمئن الجمهور على حالة الفنان محيى إسماعيل: تعافى بنسبة 80%    من هو الفلسطيني الذي تولي رئاسة هندوراس؟    توسع النزاع يهدد صادرات النفط…تصاعد الأعمال العسكرية بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي ويؤكد دعم تطوير المنظومة الصحية    أزمة فيديو ريهام عبد الغفور.. رئيس شعبة المصورين بالصحفيين: من أمن العقاب أساء الأدب    بعد زيادة الطعون عليها، توفيق عكاشة يطالب الهيئة الوطنية بإثبات صحة انتخابات البرلمان    فحص نحو مليون من ملفات جيفرى إبستين يثير أزمة بالعدل الأمريكية.. تفاصيل    "الوطنية للانتخابات" تعقد مؤتمرًا اليوم لإعلان نتائج جولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات النواب    بالفيديو.. استشاري تغذية تحذر من تناول الأطعمة الصحية في التوقيت الخاطئ    التضامن: تسليم 567 طفلًا بنظام الأسر البديلة الكافلة منذ يوليو 2024    تواصل تصويت الجالية المصرية بالكويت في ثاني أيام جولة الإعادة بالدوائر ال19    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 25ديسمبر 2025 فى المنيا    الأزهر للفتوى: ادعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها خداع محرم    بشير التابعي يكشف عن الطريقة الأنسب لمنتخب مصر أمام جنوب إفريقيا    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    وزيرا التضامن و العمل يقرران مضاعفة المساعدات لأسر حادثتى الفيوم ووادى النطرون    بديل حضاري وآمن ومرخص.. بدء تنفيذ مبادرة استبدال التوكتوك بسيارات كيوت صغيرة بالقاهرة    وزير الثقافة: المرحلة المقبلة ستشهد توسعًا في الأنشطة الداعمة للمواهب والتراث    طقس الكويت اليوم الخميس 25 ديسمبر 2025    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    هل يجب الاستنجاء قبل كل وضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الخميس 25 ديسمبر 2025    بطولة أحمد رمزي.. تفاصيل مسلسل «فخر الدلتا» المقرر عرضه في رمضان 2026    بعد غياب أكثر من 4 سنوات.. ماجدة زكي تعود للدراما ب «رأس الأفعى»    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    صفاء أبو السعود من حفل ختام حملة «مانحي الأمل»: مصر بلد حاضنة    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تجربة إطلاق صاروخ "سطح-جو" بعيد المدى    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    الكاميرون تفتتح مشوارها الإفريقي بانتصار صعب على الجابون    دوري أبطال آسيا 2.. عماد النحاس يسقط بخماسية رفقه الزوراء أمام النصر بمشاركة رونالدو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحوال ديمقراطية
التنوير المقارن في العالم العربي: فحص سوريا وتونس والسعودية (2)
نشر في الأخبار يوم 15 - 05 - 2010


التنوير من حيث المبدأ هو قدرة الفرد علي التعبير، بصرف النظر عن مستوي او شكل التعبير، عن الوعي المختلف عمليا او نظريا عن الاخرين، بصرف النظر ايضا عن مستوي الوعي ومظاهره . الوعي ليس مجرد مسألة إدراكية أو تصورية أو مفهومية فحسب، ولكن ايضا مسألة مرتبطة بالممارسة في الواقع سواء كانت الممارسة بقصد او بالتبعية. في قول اخر، التنوير هو عملية رؤية وسبر التعقيد المتخفي في ثياب التبسيط القولي او الفعلي او العملي. الكشف عن التعقيد ورسم معالمه، وتعرجاته، وتموجاته، وتحولاته هي اللبنة الاولي في بناء المجال التنويري. الخطوة الثانية تتمثل في اعادة بناء التعقيد، الذي صار مفضوحا، من خلال تطويره ليعبر عن احتواء مستوي جديد من التعقيد. فالتنوير، إذن، عملية كشف وفضح مستمر من اجل ميلاد متجدد لتعقيد ارقي عمليا او فكريا او كلاهما. في هذا السياق لدينا خمس استراتيجيات للتنوير، ونقصد بمفهوم استراتيجية التنوير هو الطرائق والمنهجيات المختلفه للتعامل مع عملية اعادة الميلاد المستمر لعمليات الرقي المعبر عن، والمتجاوز الي تعقيد جديد ومختلف : الاستراتيجية الاولي، هي التنوير من خلال معادة قراءة النص، والثانيه، التنوير من خلال نقد النقد، والثالثه، التنوير من خلال آليات وفاعليات السياسه العامه، الرابعة، التنوير من خلال نقد الممارسات الاجتماعية السلطوية العامه، الخامسة، التنوير من خلال بناء نموذج عام اكثر حداثة في الكتابة والفعل يدا بيد. دعني اشرح كل استراتيجية بشكل مبسط قبل الانتقال الي التعرف الاولي علي حالتي تونس وسوريا. الاستراتيجية الاولي تعمل علي توسيع حدود النص الي اقصي حد ممكن، ولكن مع المحافظه دائما علي منطق نصية النص، الامر الذي يسمح للنص ان يعاد تفسيره المستمر لغويا، او سياقيا، او مضمونيا ، او تاريخيا او غيره، دون ان يسمح باعاده تركيبه وصياغته. الاستراتيجية الثانية، تتلخص في اربعة مبادئ: 1- الاعتداد بدور القارئ/الناقد في قراءة النصوص النقدية وتحليلها، 2-النظر الي النشاط النقدي بوصفه ميدانا لطرح اسئلة متوالية عن هوية وادواته ومجالاته، 3- مراجعة الناقد لمنطلقاته النظرية واطروحاته التفسيريه مراجعة دائمة تفضي الي تعديلها بصور شتي. في قول آخر، هنا ننتقل من النص وتفسيره الي منطق اعادة بناء نقد النص، فينحل النص ويتواري ويتقدم الصراع حول المنهجيات المختلفة في بناء نقد مختلف للنص. والخلاف بين الاستراتيجية الاولي والثانية يكمن في ان الاولي تركز علي فهم النص وتفسيره، بينما الثانيه تركز علي اعادة بناء جديد لكيفية نقد النص، في الاولي يظل النص مغلقا ومحافظا علي تماسكه النصي والتغيير فقط يحدث في إعادة هيكلة رؤيه قيم النص، اما الثانية فيفتح النص بدمج نقده المتجدد في معناه ومغزاه فيتغير معناه ومستهدفاته. نقد النقد في نهاية الامر هي استراتيجية لدمج مستوي إدراك وتصور القارئ في قيم النص المفترضه بيخلق نصا جديدا من خلال نقد النقد، الاستراتيجية الثالثه، وتركز علي التنوير من خلال تفاعل فعاليات السياسة العامة، ويقصد بذلك الاهتمام بالمشاكل العامة في المجال العام فيتم تعريف المشكلة في سياق الاحتياج المجتمعي العام سواء علي مستوي المجتمع العام او جماعة او الفرد، فيتلوها بدائل لكيفيه صياغة واختيار السياق العملي من اجل ترتيب اوليات المشكلة، ثم يتلوها بناء بدائل والاختيارات لصياغة قرار السياسة العامة بغرض حل المشكله، فيتلوها التنفيذ وتقويم التنفيذ، وهو الامر الذي يتطلب التواضع علي محكات ومؤشرات لاثبات صحة التنفيذ وفاعليته. بعبارة اخري، هذا النوع من التنوير يهدف الي التنوير من خلال الاشتراك في حل المشاكل العملية لان هذا النمط يسمح للمجال العام ان يفعل في مخرجات تنويرية للصالح العام في الواقع الملموس . هنا يمكن لاستراتيجيتي نقد النص او نقد النقد ان يثبتا نفسيهما كالايتين ناجعتين في ترشيد الحوار حول البدائل والمحكات والمؤشرات، علما ان دورة السياسات العامة هي دورة مركبة تحتوي علي عدد من النقاط المفصليه التي تسمح بالمراجعة واعادة التقويم للاختيار علي طول الدوره، الاستراتيجية الرابعة، التنوير من خلال نقد الممارسات الاجتماعية السلطوية العامه، وتنتمي هذه الاستراتيجية أيضا الي التنوير العملي، والذي يهدف الي بناء حركات احتجاجية تستهدف في المقام مصالح مجتمعية جزئية، والتي بطبعها وعند تجميعها تخلق سياقا عاما من الحركة. والانتقال من التجميع للمصالح الي الاطار العام للمصالح هو جوهر عملية التنوير الحركي. نقد الممارسات الاجتماعية لابد ان يقاد بمبادئ نظرية ذات محتوي تطبيقي، ويقصد بذلك انها مبادئ تسمح بالتفاوض والحلول الوسط والتمرحل، ولكن علي اساس نظرة ذات تصور نظري في سبيل بناء جمهور عام مستنير، بمعني جمهور قادر علي النقد والنقد الذاتي، الامر الذي يقول لنا ان التنوير العملي يخرج مفهوم الجمهور من اعتباره كتلة شعورية لها اتجاهات شعبوية الي مفهوم الجمهور الواعي الناقد المستهدف مصالح مدنية للمجتمع ككل، والاستراتيجية الخامسة، التنوير من خلال بناء نموذج اكثر حداثة للكتابة وللفعل معا، وهو النموذج الوحيد الذي يحمل في جوفه تفاعل القدرتين النظرية والعملية، بحيث تكون الكتابة فعلا والفعل كتابة، الامر الذي يولد جدل التنوير الشامل، المشكله ان هذا النموذج لا يمكن الوصول اليه بانقلاب سياسي او ثورة عسكرية كالتي شاهدناها في دول العالم الثالث بل من خلال بناء دولة مدنيه، فالاستراتيجيه الخامسه هي استراتيجية تطورية، ولكن تأتي في كثير من الاحيان في شكل غير سلمي، لانه ليس صحيحا عمليا او نظريا ان كل النظريات التطورية هي نظريات تعبر عن مناحي تطورية هادئة، بل لدينا نماذج من حالات تطورية صاحبها عنف وغضب شديد . اذا رتبنا استراتيجيات التنوير من حيث الشمول والفاعلية سنجد الاستراتيجية الخامسة هي الاعلي وتنزل تدريجيا الي الرابعة فالثالثة فالثانية في الاولي. في العالم العربي نلاحظ تعدد مظاهر من هذه الاستراتيجيات الاربع الاولي، فالتنوير في العالم العربي لا يعني من انسداد تاريخي و فشل تاريخي، ولكن من تمزق وتفتت وعدم اكتمال وعدم تكامل تاريخي. وهذا يتضح بشكل جلي من التعرف الاولي علي حالتي سوريا وتونس. وقد تعرفنا علي الحالة السعودية اوليا في المقال السابق. ويستمر التحليل.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.