ويمكن القول إن الماضي بكل ما فيه.. والمستقبل بكل ما يشتمل عليه موجودان علي خط واحد.. ويستطيع الإنسان التحرك عليه ليعرف ما جري وما سيجري!! السبت: ممثلة فرنسية شابة اسمها »ايرين موزا« كانت تعمل لبعض الوقت كوسيطة مع منوم مغناطيسي، يقوم بتقديم عروضه علي مسرح »الكوميدي فرانسيز« في باريس.. وحدث في أحد العروض أن قالت »ايرين« فجأة وهي تحت تأثير التنويم، إن حياتها ستكون قصيرة جدا، وأن نهايتها ستكون مرعبة!!.. ولم يخبرها المنوم، أو أي أحد من الذين شاهدوا العرض بشئ مما قالته بعد إفاقتها.. وبعد بضعة أشهر، كانت »ايرين« في غرفتها تستعد للخروج إلي المسرح، عندما انكسرت زجاجة فيها محلول قابل للاشتعال، انتقلت إليه النار من شمعة قريبة.. وبمنتهي السرعة أحاطت ألسنة اللهب بالممثلة الشابة، وإمتدت إلي ثوبها الطويل.. فلقيت حتفها قبل أن تصل إلي المستشفي!! قال الباحثون في مجالات »التنبؤ« و»العرافة«، إن ما قالته »ايرين« عن قصر حياتها ونهايتها المرعبة، يوحي بشكل قاطع بأن حياة أي إنسان ليست سوي مجموعة من الوقائع المقررة سلفا والمحددة لحدوثها توقيتات معينة.. وإن كانت كل وقائع الماضي تبقي موجودة بكل تفاصيلها في ذاكرة الإنسان، فإن كل وقائع المستقبل سوف تجد طريقها إلي ذاكرته عندما يصل إليها ويمر بها.. واستنادا إلي ذلك يمكن القول إن الماضي بكل ما فيه، والمستقبل بكل ما يشتمل عليه، موجودان علي خط واحد، وفي وسع الإنسان ان يتحرك علي هذا الخط ليعرف ما حدث وما سيحدث. ويقول العالم والباحث البريطاني »كولن ويلسون« إن شابا فرنسيا اسمه »جاك« قام بزيارة لأحد المحررين الرياضيين في صحيفة »ديلي اكسبريس« اللندنية في أوائل أبريل عام 9491 وأخبره أن فريق »توتنهام« لكرة القدم سيفوز علي فريق »ليفربول« بهدفين مقابل لا شئ، في المباراة التي ستقام بينهما في أواخر شهر مايو المقبل - بعد شهرين- وأن الذي سيحرز الهدفين هو اللاعب الذي يرتدي الفانلة رقم »8«. وبعد مرور الشهرين أقيمت المباراة، وانتهت بنفس النتيجة التي تنبأ بها الشاب الفرنسي »جاك«.. وقد بحث عنه محرر »ديلي اكسبريس« الرياضي حتي عثر عليه، واكتشف أنه أصبح صاحب ثروة لا بأس بها، حصل عليها من قيامه بالمراهنة علي نتائج مباريات الكرة!! يقول العالم السويدي »سويدنبرج« ان الإنسان يأتي إلي الحياة علي الأرض وفي ذاكراته ذخيرة من المعلومات حصل عليها اثناء حياة سابقة عاشها في مكان ما، وفي زمان ما.. وأن ماضي أي إنسان لا يبدأ منذ لحظة ولادته حتي الآن، وإنما يمتد ليشتمل علي أحداث أخري وقعت له قبل مولده الأخير.. وأن ما ينطبق علي أحداث الماضي ينطبق أيضا علي أحداث المستقبل.. ويقول »سويدنبرج« أيضا إن حيوات الإنسان المتعددة تختلف عن بعضها.. وأن كل حياة عاشها الإنسان يحتفظ بأحداثها في مكان معين داخل ذاكرته منفصل تماما عن الأماكن الأخري التي تختزن فيها أحداث حيوات سابقة.. وإذا تلاشت الفواصل الموجودة داخل الذاكرة.. قد تصدر عن الإنسان تصرفات لا تتعارض مع عادات كانت سائدة في حياة سابقة وتتعارض تماما مع العادات السائدة في الحياة اللاحقة.. وعندئذ يبدو ذلك الإنسان للمحيطين به مختلا أو غير طبيعي أو مجنونا. رفض الحقائق لا ينفيها! ويقول الدكتور »بتلر« اسقف »ديرهام« في بريطانيا، إن أي مفكر أو حكيم، أو عالم، ليس بالضرورة إنسانا من طراز خاص أو نادر.. انه ببساطة شديدة إنسان عادي، ولكنه تحرر من الجمود الذي حال دونه ودون بلوغ الكمال العقلي.. ولذلك لا يتسرع في قول كلمة »لا« قبل أن يطيل النظر، ويمعن التفكير والتأمل، ويزن الأمور بموازين دقيقة ومتعددة ومختلفة.. ويدور حول الظواهر الغريبة التي تصادفه، لينظر إليها من كل النواحي، ويتفحصها من كل الزوايا.. فإذا لم يوفق في اكتشاف أسرارها، فإنه يحاول مرة ثانية، ثم مرة ثالثة.. ولا يستسلم للفشل أو يلجأ إلي الرفض.. وإنما يستبدل كلمة »لا« بكلمات أخري مثل »قد«، أو »ربما«، أو »جائز« أو »محتمل«.. لأن الحكيم والمفكر والعالم يعرف جيدا أن رفض الحقائق لا ينفي وجودها.. وفلاسفة الاسلام والعرب الأوائل، شأنهم شأن فلاسفة المسيحية، أجمعوا علي أن العقل، وكل الملكات والقدرات، والذاكرة أيضا، لا وجود لها في الجسد الإنساني، وإنما هي موجودة في النفس التي تسكن ذلك الجسد، وعندما تغادره يصبح بلا حس ولا حول ولا قوة.. وقالوا إن النفس خالدة ولا تموت، وأن لها وجودا سابقا قبل وجودها علي هذه الأرض، أو علي أي أرض أخري.. ويقول فيلسوف العرب »يعقوب بن إسحق بن قيس الكندي«، الذي عاش في القرن الثاني الهجري.. إن النفس الإنسانية جوهر غير فان.. هبط من عالم العقل إلي عالم الحس، وهو مزود بذكريات من حياته السابقة.. ويتفق مع »الكندي« في هذا الرأي من القدامي الفيلسوف »شهاب الدين السهر وردي« والمفسر محمد بن عبداللطيف بن الخطيب«.. ومن المحدثين الدكتور عبدالرزاق نوفل، وهو باحث مصري معروف، وعضو بارز في المجلس الأعلي للشئون الإسلامية.. وفي القرآن الكريم يقول سبحانه وتعالي في الآية »5« من سورة طه: »منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخري«.. ويقول عز وجل في الآية »66« من سورة الحج: »وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم إن الإنسان لكفور«.. ويقول جل شأنه في الآية »11« من سورة غافر: »قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلي خروج من سبيل«. ويقول وهو أصدق القائلين في الآية »82« من سورة البقرة: » كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون«.. الواضح من هذه الآيات. دون أي محاولة للاجتهاد، أو التأويل، أن الإنسان كان حيا ثم مات.. ثم عاد إلي الحياة، ثم مات.. ثم عاد إلي الحياة، قبل الرجوع إلي الله العلي القدير.. بحوث وتجارب حقيقية وأنا لا أريد أن أخوض في تفاصيل أكثر، أو أطيل في سرد المزيد من الاثباتات، ولكنني سأكتفي بنقل ما جاء في كتاب العالم المصري القدير الدكتور رؤوف عبيد »العودة إلي التجسد«، الذي تحدث فيه عن بحوث جادة قام بها علماء أجلاء، أسفرت عن نتائج مبهرة.. ومن أهم تلك البحوث ما قام به واحد من أبرز علماء التنويم المغناطيسي هو العالم الفرنسي »دي روشا«، الذي كان يستعين بعالم آخر قدير اسمه »بوڤييه« كان في نفس الوقت يرأس تحرير المجلة الفرنسية »لابيس يونيفرسال«، وكانت مهمته تسجيل كل ما يحدث في الجلسات التي يعقدها »دي روشا« في مضابط خاصة بكل تجربة. في إحدي المضابط تم تسجيل الحوار التالي الذي أجراه »دي روشا« مع الوسيطة »روجيه« التي تبلغ من العمر تسعا وثلاثين سنة.. س: أنت الآن في الخامسة والثلاثين، فماذا تعملين؟.. ج : أعمل في صناعة الحرير، ولا أحبها.. س: أنت الآن في العشرين، فماذا تفعلين؟ ج : أنا لا أعمل وموجودة مع أسرتي، وأعرف رجلا أعتقد انني سأتزوجه لكني لست متمسكة به كثيرا، انها أمي هي المتمسكة به ولست أنا.. س: ما اسمه؟.. ج : أندريه.. س: ماذا يعمل؟.. ج: عامل عند ساعاتي.. س: ماذا كنت تفعلين عندما كنت في الثانية عشرة من عمرك؟ ج: أطهو الحساء.. س: هل أنت سعيدة؟.. ج: انهم يؤنبونني كثيرا. ثم يقوم »دي روشا« بإرجاعها إلي المرحلة التي كانت خلالها جنينا في بطن أمها، ثم إلي ما قبل ذلك ويسألها: س: أين انت الآن؟.. ج: في الفضاء.. س: ماذا تفعلين في الفضاء؟ ج: اتطلع إلي ما حولي.. س: ماذا ترين حولك؟ ج: أري فتيات ضاحكات.. س: هل لهن تكوين جسماني؟.. ج: تبدو لهن أحيانا أشكال أطول مني.. س: هل تذكرين حياتك علي الأرض؟ ج: نعم وقالوا لي إنني غادرت جسدي. س: عودي الآن إلي جسدك لأنك تبلغين في هذه اللحظة التاسعة عشرة من عمرك.. وتبدو عليها مظاهر التذمر، وتتنفس بصعوبة.. ثم تهدأ.. فيوقظها »دي روشا« وينهي الجلسة.. بعد أيام قليلة، عقد »دي روشا« جلسة جديدة، سأل فيها نفس الوسيطة »روجيه« بعد أن أعاد ذاكرتها إلي حياة سابقة كانت تحياها قبل حياتها الحالية: س: ما اسمك؟ ج: مادلين س: أنت الآن في السادسة عشرة من عمرك.. ج: لست سعيدة ويبدو لي أنني لن أعيش طويلا. س: في أي عام أنت الآن؟ ج: في عام 4271.. س: ماذا تعملين؟ ج: أتعلم التطريز والغناء. س: أنت الآن في السادسة.. ماذا تفعلين؟ ج: ألهو وألعب مع أصحابي.. وفجأة بدا عليها الغضب والضيق، فأعادها إلي سن الثالثة، فانخرطت في البكاء، وأخذت تطلب الحلوي بإلحاح.. فطلب منها العودة إلي رحم أمها، فأخذت شكل الجنين.. وفي جلسة ثالثة سأل »دي روشا« نفس الوسيطة »روجيه«.. س: انت الآن في عام 0681.. فما اسمك؟ ج: مرجريت ديشين. س: متي ولدت؟.. ج: في عام 5381. وأخذت في السعال، بشكل حاد فسألها: س: ماذا يؤلمك؟.. ج: أنا مريضة.. ويقولون لي إن داء السل قد يقضي عليّ.. وأنا أعاني عذابا شديدا.. س: انت الآن في العشرين من عمرك، فماذا تفعلين؟ ج: أفكر في حبيبي »لويس مارتن«. س: انت في السنة الثانية من عمرك الآن فماذا تفعلين؟ ج: أجلس علي ركبتي والدتي تدللني.. وعجزت الوسيطة روجيه عن الاجابة عن أسئلة أخري فأعادها »دي روشا« إلي الوعي.. ويستمر »دي روشا« في عقد جلسات تستجيب خلالها الوسيطة »روجيه«.. لتقول في إحداها انها كانت رجلا اسمه »جيل روبير« عاش منذ أواخر عام 0871 حتي أواسط عام 0081، وعمل في مصنع أحذية ثم في بيع الصحف.. وفي جلسة جديدة تقول انها كانت فتاة اسمها »جيني«، وقد تزوجت من حطاب اسمه »أوجست«.. وفي جلسة أخري تقول إنها كانت رجلا وان اسمها »ميشيل بيري« وتروي الكثير عن غرامياتها، ثم تقول إنها انضمت إلي الحرس الملكي واشتركت في حرب ضد السويسريين، وتقول إنها اصيبت بجرح قاتل.. وسألها: س: وهل مت بعد هذه الاصابة؟.. ج: نعم وكنت أري جثماني ممددا علي الأرض وآثار الدماء التي نزفت من الجرح الذي أصبت به!! س: أين ذهبت بعد الموت؟ ج: كنت أتنزه طول الوقت، وأري أقاربي وأصدقائي الذين لا يرونني!! لقد تمكن »دي روشا« من إعادة »روجيه« إلي الحياة الثالثة عشرة السابقة علي حياتها الحالية.. ويقول إنه لاحظ انه من المحال علي خيال شخص خاضع للتنويم المغناطيسي أن يفضي بهذا القدر الهائل من التفاصيل عن حيوات سابقة عاشها.. وأضاف أن تكرار نفس الاختبارات أدي إلي نفس النتائج.. وأنه قد تمت مقارنة بعض التواريخ والاسماء التي ذكرتها السيدة »روجيه« وهي واقعة تحت تأثير التنويم المغناطيسي فكانت متطابقة مع الواقع.. وكان ذلك دليلا واضحا علي أن الإنسان كان هنا علي الأرض قبل أن يرحل عنها بالموت.. وأنه جاء إليها مرة أخري!!.