مازلت اعيش هذه الايام المباركة قبل الوقوف بعرفة بيوم كنا نصلي ونطوف حول الكعبة المشرفة فإذا بالخير ينهال علينا امطرت السماء فسعدنا جميعاً بالبشري ونحن نري الامطار لأول مرة تسقط امامنا علي الكعبة وظللنا في ساحة الكعبة لم نغادرها وكل مستبشر بالخير والبركات داخل البيت المحرم. بعدها تحركنا بالاتوبيسات الي عرفات فوجدنا المخيمات مليئة بأمطار الخير فلم ننم عشية عرفات وسهرنا نسجد لله ونسبحه ونكبره ونلبي لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك وبعد صلاة الفجر سألت عن جبل الرحمة فقال لي صديق انت لا تقدر علي الذهاب اليه بسبب مرضك ولا إلي مسجد نمرة فصل هنا انت علي ارض الموقف بعرفة.. لم تقنعني نصيحته وتركته ومشيت حتي وصلت بصعوبة بالغة إلي جبل الرحمة فوجدته مليئا بالحجاج ورأيت وجوههم الناضرة إلي ربها ناظرة فدعوت دعاء النبي صلي الله عليه وسلم في يوم عرفة. لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو علي كل شيء قدير ثم اكثرت من الدعاء والتسبيح والتكبير والتهليل بأعلي صوتي كما أمرنا رسولنا الكريم ثم نزلت من الجبل وتوجهت في رحلة شاقة الي مسجد نمرة لسماع الخطبة الشهيرة والصلاة ظهراً وعصراً جمعا وقصراً وتمكنت بفضل الله من دخول المسجد رغم الملايين من الحجاج المحيطة بساحة المسجد وحمدت الله وشكرته علي نعمة الحج فالحج عرفة. في هذا اليوم العظيم وأنا علي ارض الموقف بعرفة تذكرت رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم وهو في ارض الموقف بعرفة راكبا ناقته القصواء في يوم الجمعة حينما تجلي له الامين جبريل عليه السلام فبركت القصواء من ثقل القرآن عليها حينما أنزلت علي الرسول الكريم هذه الآية الكريمة في حجة الوداع قال تعالي: (اليوم اكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) »المائدة - 3« هذه الآية الكريمة تعتبر أكبر نعم الله عز وجل التي لا تحصي حيث اشتملت علي الأيمان الكامل والدين الكامل والنعمة الكاملة وحيث أخبر الله عز وجل رسوله الكريم بأنه أكمل لنا ديننا فلا نحتاج إلي دين آخر ولا إلي نبي أو رسول غير محمد خاتم النبيين. دين تمت فيه كلمة الله صدقا بإخبارنا بالدين والقرآن والرسول الكريم وأنباء الامم السابقة وعدلاً بالأوامر والنواهي وقد رضي الله لنا هذا الدين الكامل وحببه لنا وبعث لنا افضل رسله، عندما نزلت هذه الآية الكريمة بكي عمر بن الخطاب فقال له النبي صلي الله عليه وسلم: »ما يبكيك؟ قال: ابكاني إنا كنا في زيادة من ديننا فأما إذا كمل فإنه لم يكتمل شيء إلا نقص فقال: صدقت« وقد أكد الحديث الشريف هذا المعني: »إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً فطوبي للغرباء«. جاء رجل من اليهود الي عمر بن الخطاب فقال له: يا أمير المؤمنين انكم تقرأون آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال: وأي آية هي؟ قال قوله تعالي: (اليوم أكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) فقال عمر: والله إني لأعلم اليوم الذي نزلت علي رسول الله صلي الله عليه وسلم عشية عرفة في يوم جمعة وكلاهما بحمد الله لنا عيداً«. رضينا بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد رسول الله نبيا والحمد لله رب العالمين.