عندما قارن الرئيس الإيراني »حسن روحاني» بين الأزمة الاقتصادية التي تعانيها بلاده حاليا بسبب العقوبات الأمريكية المشددة والمصاعب التي واجهتها طهران خلال أسوأ حرب علي مر تاريخها (الحرب الايرانية العراقية)، كانت هذه إشارة إلي أن الإيرانيين يعانون بالفعل بشدة في ظل الاختناق المالي الذي تفرضه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب علي البلاد.. لكن روحاني وجه رسالة أخري مفادها أن إيران ليس لديها نية للاستسلام أمام الضغوط الاقتصادية علي أمل أن تجد رئيسًا أمريكيًا ودودًا للتفاوض معه بعد انتخابات 2020. ففي حال خسر ترامب الانتخابات الرئاسية المقبلة في العام المقبل، فيمكن للنظام الايراني أن يعتبر هذه الفترة مجرد فصل آخر في تاريخ البلاد الطويل المتمثل في التأقلم مع العواصف التي يحركها الغرب.. لكن التاريخ له رأي آخر.. فبعد نحو 8 سنوات من الحرب العراقية الإيرانية المدمرة في الثمانينيات والتي تسببت في مقتل مئات الآلاف، وابتلاع ما يقرب من نصف عائدات البلاد من النفط، تراجع آية الله الخميني، المرشد الأعلي لإيران آنذاك، عن تمسكه بمبدأ »حرب حتي النصر» ووافق علي وقف لإطلاق النار بوساطة الأممالمتحدة في عام 1988. ووفقا للباحث المخضرم » بهنام بن طالبو» العضو في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأمريكية، فإن التاريخ يكشف دوما تراجع إيران إذا وضعت تحت ضغط كاف. وقال »هناك ضغوط علي إيران الآن أقصي مما تعرضوا لها أثناء الحرب، وفي النهاية ستتراجع 180 درجة إذا أدركت أنه لا يوجد مخرج».. ومع التصعيد الاخير في إجراءات ادارة ترامب للضغط علي النظام الايراني، أنهت واشنطن الإعفاءات التي سمحت للدول الأخري بشراء النفط الإيراني، وأرسلت سفنا حربية وقاذفات إلي الخليج، وأعلنت الحرس الثوري الإسلامي الإيراني منظمة إرهابية وفرضت عقوبات علي الصلب والألومنيوم للبلاد. وفي المقابل بدت نذر الرضوخ الايراني، حيث كشف تقرير أخير لصحيفة نيويورك تايمز أن طهران قامت بنزع صواريخ من زورقين صغيرين علي في مياهها الإقليمية فيما وصفه المسئولون الأمريكيون أمس الأول بأنه علامة علي تهدئة التوترات.. وكانت أقمار صناعية أمريكية رصدت صورا تظهر صواريخ مجمعة بالكامل يتم تحميلها علي قوارب متعددة في موانئ إيرانية، وهو ما أثار مخاوف من أن القوات البرية للحرس الثوري كانت ستستهدف السفن البحرية الأمريكية في الخليج العربي والمياه القريبة.. ربما قد تكون الاستجابة لمطالب ترامب بمثابة استسلام شبه كامل لقادة إيران، وهو ما سيكون غير مقبول بالنسبة للإيرانيين وقد يؤدي إلي تغيير النظام بأكمله. لكن الرضوخ الذي يبدو عليه النظام في طهران الآن يجري إخفاؤه وراء خطاب ناري يتوعد الأمريكيين ويؤكد دوما علي استعداد وجهوزية نظام الملالي للتصدي للشيطان الأكبر؛ أمريكا.