اليوم عيد الفداء الأكبر، رمز الأيام والليالي التي مرت علي البشرية منذ ميلادها وقد أفاضت السماء عليها بالرحمة والمغفرة، ولست أري لحظة عصيبة علي إنسان أشد من هذه اللحظة التي أسلم فيها اسماعيل نفسه ووهبها لله وأبيه، ما كذبت ولا اهتزت بيقين. هذا قضاء الله وقدره، كان فقط الرأي يطلبه خليل الرحمن من ولده الذي اتاه علي كبر وشوق وكان قدومه للحياة معجزة وكان استمراره فيها أعظم فداء في التاريخ فوق المعجزة، قال يا بني إني أري في المنام أني أذبحك فانظر ماذا تري، يعرف من فيه غرس النبوة معني أن يري النبي رؤية، فلم يتوان لطرفة عين. يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين. وكانت اللحظة في حجم الزمان كله والإذعان لأمر العلي الديان، فلما أسلما وتله للجبين وأخذت تعمل السكين في نحر أغلي المخلوقات عليه، نادته السماء برحمتها وبعثت بالذبح العظيم من عليائها، وسمع الوجود أقدس الكلمات من رحمانه: أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا. درس مجيد ظل يتنقل بين الحقب والسنين، ينشر آلاء ربها علي عباده، يعاودون دائماً الحنين إلي هذا التسامي الذي يرتفع بالأخلاق إلي فضائل النبوة، وكلما جف ريُّ الأمل في الصدور استدعاها الإيمان لتحرك الضمير من جديد إلي ربه وإلي حنانه الفياض. ولقد استلهم الإنسان هذا الصدق في استمرار الحياة ومقومات الأخلاق فيها، ورأينا كيف يقدم الشهداء أرواحهم زهيدة من أجل لحظة كهذه اللحظة، فداء لأوطانهم وامتثالاً لواجب يكمن في أعماق الصدور، ولولا هذا الاستعداد للتضحية والفداء في الضمير الإنساني لتحولت الحياة إلي غابة يفترس فيها القوي الضعيف، لذلك، كان المثل الأعلي والقدوة التي أصبحت منسكاً من مناسك أعظم الشعائر، كل من يمسك بسكين اليوم وحتي قيام الساعة ومن قبل، يتذكر جيداً أن لا شيء أغلي ولا شيء أعظم من طاعة الله في الوجود، وأن الابتلاء كان الدرس الأكثر عمقاً في هذه الحالة الفريدة في مشوار الإنسان علي الأرض، وأن الصبر عليه باليقين في رحمة الله قد جاء بأمثل الحلول وأغزرها رحمة، إن المؤمنين حقاً يعرفون فضل هذا اليوم في إرساء دعائم وقيم الإسلام. المنافق يعود سيرته الأولي وسط ضجيج الأحداث واتجاهات الريح إلي الغد في بلادي بدأت الأقنعة تسقط وبدأ الذين يريدونها عوجاً يخرجون ما في ضمائرهم وما في بطن جعبتهم، فما كان يكفيهم ويسد جوعهم للحرية بالأمس أصبح اليوم أقل من طموحهم وعليهم أن يحصدوا كل شيء وأن يندفعوا بكل قوتهم إلي المقدمة التي لم يحلموا بها أبداً، وأري هذا المنافق الذي كان يسبهم بالأمس نفاقاً للنظام السابق، وإمعاناً في الطاعة لسادته القدامي، وقد أخذ يهزي بما لا يعلم ويدير حواراً مع أحدهم بنفس طريقته الأولي ولكن تبشيراً بالنظام المنتظر، إنها الفتنة التي يبث سمومه فيها وينفث وسوسته في إبعادها حتي يتمكن من إحداث شيء لعله يروي غلته ويطفئ النار التي تغلي في صدره، ألا يستحي.. أليس هناك من عاقل حتي يرده عن غيه، ويذكره بما كان يقول من قبل في هذا الفريق من الناس.. عجباً لمتناقضين يجتمعان علي بلادي.. يلوون عنق الحقائق حتي يناسب ركوبهم إلي باطل.. باطل.. يا أيها الحق كم من الباطل يرتكب باسمك النبيل العظيم. كي يتدخل المشير لحماية المدن الجديدة من المؤكد أن هناك تراجعاً واضحاً في مستوي الأمن وصل ذروته بعد أحداث ماسبيرو، وهذا الذي شجع البلطجية واللصوص أن يفجروا إلي هذا الحد وأن يتم اقتحام البيوت والأماكن المأهولة وغير المأهولة بالسكان وبشكل غير مسبوق في الإعداد والطريقة، والاقتحام الذي تم في مدينة أكتوبر يؤكد أن المدن الجديدة في حاجة إلي تأمين خاص حتي ولو قامت الحكومة بتكوين شركات أمن تابعة لها لحراسة ممتلكات الناس ولو بمقابل مادي رمزي، الرسالة واضحة لأن المدن الجديدة هي الفريسة المهيأة تماماً للمرحلة القادمة، وليست مع الذين يتركون المصيبة حتي تقع، ومن واجبنا جميعاً الان أن نتضافر لإعادة الأمن والضرب بيد من حديد علي كل خارج علي القانون، وإني لمتوسم أن يتدخل المشير بنفسه في هذه القضية رحمة بأهل مصر الذين ذهبوا إلي المدن الجديدة ولم يكونوا يتوقعون أن تأتي عليهم أيام كهذه. مأزق الدستور في نحر الثورة ألم أقل لكم من قبل ما كان ينبغي أن نقدم أي شيء علي صياغة دستور الثورة، ليكون معلماً للطريق، لقد ظلمنا أنفسنا بوضع البلاد في حالة من صراع لا تحتمله الآن، وشتتنا جهدنا في أمر كان يمكن أن يتحقق بيسر لأن فقهاء القانون والدستور في مصر لا تحصيهم هذه النظرة الضيقة التي دفعت بالمستشار البشري ورفاقه حتي يجبرونا علي الدخول في نفق مظلم، وقي الله مصر من شر نهايته، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.