ابتكر عدد من الشباب المسلمين في النمسا تجربة جديدة منحت شهر رمضان الكريم طبيعة خاصة، واعتبره كل من عرف به شهر العطاء لدرجة أن البعض اسماه » رمضان - المشاركة بلا حدود»، ورغم أن نسبة المسلمين حوالي 8% طبقا لإحصائيات 2016، إلا أن هذه التجربة كانت مؤثرة للغاية، وجذبت الآلاف للمشاركة فيها، وشهدت نجاحا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، وتتضمن إطلاق حملات في مختلف أنحاء البلاد لممارسة أنشطة اجتماعية مختلفة، مثل قضاء بعض الوقت في دور رعاية المسنين، ومرافقة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة ، وإعداد وجبات الطعام للاجئين والمشردين، وتنظيف المقابر والمناطق شديدة التلوث.. ويتم تنظيم هذه الحملات بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية النمساوية الشهيرة التي تقدم التسهيلات والتبرعات الغذائية. يحرص المسلمون خلال رمضان علي الذهاب للمساجد بانتظام لأداء صلاة التراويح في حوالي خمسين مسجدًا في فيينا والمدن الأخري، بجانب الاستماع إلي المحاضرات الدينية حول الفقه الإسلامي وتفسير القرآن.. وتختلف المساجد في طريقة الاحتفال برمضان فيشهد المركز الإسلامي في فيينا إلقاء علماء الأزهر للخطب والمحاضرات، ويتم تقديم وجبات الإفطار للمسلمين طوال الشهر .. وهناك أيضًا مراكز ومساجد إسلامية أخري تمولها الجالية التركية في النمسا. تزود المراكز الإسلامية بالكتب ، كما توفر اللحوم والدجاج المذبوح علي الطريقة الإسلامية.. ويلعب النادي المصري في النمسا أيضًا دورًا كبيرًا في جمع المصريين المقيمين في النمسا معًا خلال رمضان في مأدبة الإفطار. ومن جانب آخر توجد بعض المتاجر التركية التي تبيع البضائع والأطعمة المرتبطة بالشهر المبارك مثل التمر وقمر الدين وعرق السوس والكنافة وغيرها.. ويحترم الشعب النمساوي الصيام ويعتبره حرية دينية، لدرجة أن البعض من غير المسلمين يحاولون الصيام بضعة أيام، كمجاملة لأصدقائهم المسلمين، كما تقوم بعض العائلات بتنظيم وجبات الإفطار للاجئين. علاقة النمسا بالإسلام غير معقدة نسبياً مقارنة بالدول الأوروبية الأخري، حيث كفل قانون عام 1867 احترام جميع الأديان، ومنح المسلمين الحق في إقامة المساجد، وتم بناء أول مسجد في فيينا عام 1887 بمساعدة الحكومة لخدمة المسلمين الذين تم تجنيدهم في الجيش النمساوي.. ومرورا بالعديد من الخطوات والقوانين علي مدار سنوات زادت الحقوق والامتيازات لمسلمي النمسا. ورغم ذلك ثارت خلافات حول بعض القوانين وعارضها البعض، حيث يمنع أحدها تغطية الوجه في الأماكن العامة ويفرض غرامة قدرها 150 يورو علي من تفعل ذلك، مع نزع النقاب إذا طالبتها الشرطة بذلك، قانون آخر منع التمويل الأجنبي للمساجد ودفع مرتبات الأئمة ، إلا أن هناك من يفسر هذه القوانين بأنها محاولات لتفادي أي استغلال سياسي للدين، وبرهنوا علي ذلك بالإشارة إلي دعوة الرئيس ألكسندر فان دير بيلين جميع النساء في النمسا لارتداء الحجاب تضامنا مع المسلمين لمحاربة »الإسلاموفوبيا المنتشرة» في البلاد.