لابد من العمل علي توعية الناخب المصري خاصة في المناطق الشعبية بأن المشاركة في بناء الوطن سياسيا لا تقتصر علي الوقوع في شرك جاذبية الخدمات والعطايا التي يتم تقديمها عن طريق بعض القوي الضليعة في الترويج لهذا النشاط. اننا ندرك جميعا ان هناك ارتباطا وثيقا بين الالتزام بالواجبات والحقوق السياسية والحاجة الي توفير لقمة العيش حتي لو جري ذلك في شكل رشوة سياسية. في هذا المجال ليس جديدا القول بأن جماعة الاخوان المسلمين التي قامت اساسا علي الدعوة الدينية اعتمدت في شعبيتها- خاصة في الاحياء والمجتمعات الفقيرة- علي الخدمات والمساعدات التي تستخدم فيها ما هو تحت يديها من اموال وفيرة. ساعدها علي دعم وجودها علي هذا المسار حالة الفساد والعزوف عن تقديم الخدمات بدون مقابل من جانب أصحاب النفوذ أعضاء الحزب الوطني الحاكم سابقا الذي استحوذ علي مقاليد الحكم طوال العقود الثلاثة الماضية. ما يحدث حاليا يُذكرني بالعبارة الشهيرة التي كان يرددها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وهو في أوج كفاحه ضد القوي الخارجية والتي تقول: »من لا يملك قوته لا يملك حريته«. ورغم ان جماعة الاخوان كانت علي عداء وخلاف مريرين مع عبدالناصر الا انها استثمرت الشعار في النفاذ الي قلب المجتمعات المصرية الفقيرة طوال سنوات حكم الرئيس السابق حسني مبارك قبل اجباره علي التخلي عن الحكم. وقد كنت اتوقع وبعد قيام ثورة 52 يناير التي اتاحت العمل السياسي لكل القوي ومن بينها جماعة الاخوان ان يلتزم المجلس الاعلي للقوات المسلحة الذي فوضه الشعب في ادارة البلاد بالشفافية والحيادية في التعامل مع القوي السياسية المتواجدة علي الساحة. كنت ارجو - وفي هذا الاطار - ان يبعد نفسه عن اي مظاهر أو شكوك قد تعطي ايحاء بالتحيز أو الارتباط بأي فصيل سياسي معين علي ضوء الدور الاساسي الذي اضطلع به في انجاح الثورة. كان عليه ان يكون حريصا في اي تحرك من جانبه قد يؤثر علي التفاف كل طوائف الشعب حوله باعتباره يمثل قواتنا المسلحة بما عرف عنها من وطنية وتجرد عن اي اتجاهات سياسية أو غير سياسية. حول هذه القضية لا انكر أنه قد هالني ما جاء في قصة صحفية تم نشرها يوم الخميس 02 أكتوبر علي خمسة اعمدة في جريدة »المصري اليوم« وبعناوين بارزة تقول »الجيش والاخوان إيد واحدة« الجماعة تبيع لحوم القوات المسلحة بأسعار مخفضة!! بالطبع فانني لم اصدق هذا الذي كتب ونشر ولكن الذي اثار شكوكي هو عدم صدور أي تكذيب أو تعليق علي هذه الدعاية المدعمة بصورة للافتة المنشورة في قلب الموضوع الصحفي باسم الاخوان المسلمين ورافدها السياسي حزب الحرية والعدالة. لقد تضمنت بالخط العريض الدعوة للحصول علي لحوم مزارع القوات المسلحة من »الشوادر« التي أقاموها مع تذييلها بشعارهم في الانتخابات »نعمل لخير مصر«!! ربما تكون جماعة الاخوان المسلمين وحزبها قد جنحا الي التجاوز والمبالغة.. ولكن ورغم ذلك فانه لا يمكن التغاضي عما يمكن ان يكون وراء ذلك من عملية خداع لقطاع من المواطنين السذج الذين قد يفهمون ذلك علي انه تأييد من جانب المجلس الاعلي لحزب الاخوان.. لعل ما يؤكد مثل هذا الاعتقاد انه لم يتم الاعلان عن حصول بعض القوي السياسية الاخري مثل حزب الوفد علي هذه الميزة. اخشي ما اخشاه ان يُعظم هذا السلوك حتي لو كان غير صحيح - من احساس الناخبين باضفاء شبهة عدم النزاهة علي المعركة الانتخابية حتي قبل ان تبدأ. ارجو الا يكون ما نشر - رغم توثيقه - له أساس من الصحة.