سؤال أرجو أن يجد من يستمع اليه من الحكام في بلدنا،خاصة ونحن علي أبواب انتخابات برلمانية أهميتها أنها ستحدث بعد ثورة عظيمة هي ثورة 25 يناير. إذا نظرنا الي كل الأزمات التي جرت سنجد أن الثوار وشباب الثورة بالتحديد، لم يكونوا طرفا فيها. وإليكم الأمثلة. بعد أن ترك مبارك الحكم وفرح الجميع وبدا أن أهداف الثورة ستتحقق كاملة، خاصة أننا كنا في نظام فرعوني مركزي رأسه هو سبب مشاكله. وبسقوط الرأس قد تنفتح أبواب الرحمة. بعد ذلك بدا للجميع أن هناك تراخيا في محاكمة مبارك. واحتاج الأمر إلي أكثر من جمعة للحفاظ علي الثورة وتحقيق مطالب الثورة. هل كان الثوار مخطئين ؟ خلال ذلك لم تتوقف المظاهرات الفئوية التي طالب الكثيرون بتوقفها رافعين شعار الاستقرار، ولم يفكر أحد أن هذه المظاهرات والاعتصامات هي حق طبيعي للمواطن الذي عرف طريق الثورة، وأيضا للمواطن الذي قرأ وعرف حجم النهب الذي جري علي البلاد وللبلاد من النظام السابق ورجاله. والذي سمع كثيرا عن أن هناك تعيينات لمن هم باليومية أو بعقود مؤقتة ولم تتم الا بعد هذه الاعتصامات والإضرابات وليست حتي الآن في كل المصالح، فهل كان المعتصمون علي خطأ أم أن التأخر في تلبية حقوقهم هو الخطأ وهو السبب. وكذلك الأمر في الجامعات التي ناضل طلابها وأساتذتها كثيرا من أجل أن تكون مناصبها الادارية العليا بالانتخاب، ولكن الحكام لم يفكروا حتي الآن في إقالة أي من المسؤولين القدامي الذين هم نتاج التعيين من قبل أمن الدولة، وترك الامر لهم واحتاجت المسألة الي كل هذه الشهور حتي استقال بعضهم ولايزال بعضهم لا يريد الاستقالة وتتفجر المظاهرات والاعتصامات حولهم كل يوم. فمن هو المسؤول هنا ؟ المتظاهرون والمعتصمون من الطلاب والأساتذة أم التأخر في إقالة القيادات القديمة. الأمر نفسه فيما يخص مظاهرات ماسبيرو التي كان السبب الرئيسي لتفجرها هو الاعتداء علي مبني كنيسة الماريناب وهدمها وحرقها دون حتي أن تأخذ أي فرصة يأخذها مبني مخالف، إذا كانت مخالفة. فمن هو السبب هنا؟ المتظاهرون أم من أحرقوا وهدموا المبني. وأخيرا نأتي الي الانتخابات التي بدأ يترشح لها عدد من رجال الحزب الوطني السابق. وحتي الآن لم يصدر قانون الغدر الذي كان كفيلا بوضع حد لما يمكن أن تأتي به الانتخابات من صراعات. فمن هو السبب هنا ؟ الثوار وشباب الثورة أم من تأخروا في إصدار قانون الغدر، وهو أقل ما تفعله الثورات مادمنا نقول أن الحكومة حكومة ثورة والمجلس العسكري يحمي الثورة. إن التأخر في هذا القانون بالذات جعل الكثيرين من رجال النظام السابق تنفتح شهيتهم من جديد، ويصرح بعضهم أن سكوتهم لا يعني ضعفهم، وأنهم يستطيعون حشد الملايين ضد الثورة. يا سلام. لا والله. طبعا هم لم يقولوا ذلك إلا بعد أن رأوا التأخر في إصدار هذا القانون، الذي لو صدر في الأيام الأولي بعد خلع مبارك لم يكن أحد منهم سيجرؤ علي التلفظ بكلمة واحدة. الأمر نفسه ستشهده الأيام القادمة أمام المحاكم التي قيل أن الدوائر القضائية ستفرغ لما فيها من قضايا خاصة بالثورة، أي قضايا النهب الاقتصادي وقضايا قتل الشهداء. والحاصل أن القضايا تؤجّل الآن رغم مرور الصيف وإجازاته. تؤجل بالشهور مما يعني أن الدوائر غير متفرغة للقضايا لأنه من غير المعقول أن تؤجل الدائرة الحكم شهرا مثلا لتأخذ إجازة. التأجيل الآن معظمه إلي ديسمبر. أي بعد اكثر من شهر ونصف.أجل ستشهد قاعات المحاكم وأمامها اضطرابات ومظاهرات كنا في غني عنها، لو لم يحدث كل هذا التأجيل. وهكذا يبدو أن جميع الأمور تدور بإيقاع وظيفي لا علاقة له بإيقاع الثورة. ويبدو الآن أنه لابد من الاعتصامات والإضرابات والمظاهرات والاضطرابات حتي يتحقق أي شئ. إذن من الذي يتسبب في هذا كله ؟هل هم الثوار.؟ أظن أن الإجابة بالنفي واجبة. إنه الحكم والحكام. فهل يحتاج حكامنا إلي امثلة أكثر من ذلك وضوحا ؟ انا أعيد ما رأيناه جميعا، وما كتبت فيه وعشرات غيري من الكتاّب. أعيده ملخصا هذه المرة وأجمع الأمثلة، وهناك غيرها كثير. فهل تكفي هذه الشهور التسعة لندرك أن إيقاع الحكم لا يتناسب مع إيقاع الثورة ؟ وأن كون الحكام يجدون إعلاما يروج لحججهم لا يعني أبدا أنهم ليسوا كذلك، لأن هناك إعلاما آخر أكثر سرعة ونفاذا إلي الناس وهو إعلام الفضاء الإفتراضي. الانترنت التي صنعت الثورة علي صفحاتها. هذا الإعلام الأسرع من كل ماتملكه الدولة. بل أن الحكام الآن إذ يعتمدون علي التليفزيون الحكومي والإذاعة الحكومية يرتكبون نفس خطا النظام السابق حين لم يقدر حجم الحرية المتاح بعيدا عنه،وحجم الغضب الذي يملأ صفحات النشطاء،حتي قامت الثورة ولاذ منها رجاله الكبار بالفرار. نحن الآن في شهر اكتوبر. في نهاياته وتبقي لنا ثلاثة أشهر تقريبا حتي 25 يناير العيد الاول للثورة المجيدة. وأرجو أن يعرف الحكام أنه في هذا اليوم يمكن أن تعود الثورة الي الاشتعال.آن الاوان أن يستجيب الحكام لمطالب الثورة بغير الضغط والمظاهرات. قطع الطريق علي المظاهرات لا يكون بالقوة ولا بالمندسين !! الذين لم نعرفهم حتي الآن، ولكن بالإسراع في إيقاع التنفيذ لمطالب الثورة.