فعلها أولاد الحرام، فعلها أولاد الشياطين، نجح احفاد ابليس في احداث الصدام المباشر بين الشعب وقواته المسلحة التي اقسمت علي حماية الثورة، ومساندة حق التظاهر السلمي، لكن مأساة الاحد الدامي التي نتج عنها 30 قتيلا واكثر من 300 مصاب، خلفت جروح غائرة في القلوب، ودموع مازالت تسيل، واحزان تتطلب وقفة صادقة لتحديد الملابسات ومعاقبة المسئول عنها . مظاهرة سلمية مرخص بها، اغلبها نساء وبنات خرجن بالشموع يرددن عبارة " ارحمنا يا الله "، معروف خط وتوقيت سيرها، اقباط يطالبون بحق مشروع، انضم لهم شركاء الوطن لكي يحموا مسيرتهم، فجأة تخترق المسيرة عناصر مسلحة ومدربة علي الحرق، بعضها قادم من اتجاه وزارة الخارجية، وبعضها قادم من كوبري اكتوبر يطلق الرصاص الحي، عشرات الموتوسيكلات بدون ارقام، اعيرة نارية تخترق الصدور، مدرعات تحترق، اخري تدهس من في طريقها، اعتداءات علي الجنود، حرب مجنونة، لا احد يعلم من ضد من، أو من مع من، الجيش يؤكد ان قواته لم تكن مسلحة بذخيرة حية، تقارير الطب الشرعي تؤكد ان الوفيات والاصابات نتيجة لرصاص حي، وخرطوش محلي، ورصاص مطاطي، ودهس بالسيارات، ان كان الجيش غير مسلح برصاص حي، والمظاهرة سلمية، فمن الذي كان يحمل السلاح، من الذي اندس بين المتظاهرين، كيف سمح له بذلك، لماذا لم يتم تأمين المظاهرة المرخص بها، من هي الجهة التي تتعامل بالرصاص المطاطي ؟ اسئلة من حق الشعب ان يعرف اجاباتها بشفافية، لكي لا يصبح الطرف الثالث الذي اندس بين المتظاهرين مثل " اللهو الخفي " الذي خطط ونفذ الاحداث المشابهة بكنيسة الاسكندرية، وامبابة واطفيح وصول والمريناب، منذ دخول الاسلام مصر لم تحرق كنيسة واحدة إلا بعد ثورة 25 يناير، اليس في هذا مفارقة تستوجب التأمل لندرك ان " اللهو الخفي " يريد بهذا المسلسل الذي كتب حلقته الدامية امام ماسبيرو ان يخرج الاقباط كقوة ليبرالية من معادلة الاستحقاقات الانتخابية، لكي تنقطع واحدة من الالسن التي تنادي بالدولة المدنية ! الدولة التي تعجز الاجهزة الامنية فيها عند الوصول والتصدي لعناصر " اللهو الخفي " هي ليست دولة، وحكومتها لا تستحق ان تبقي في موقعها، الحكومة التي لم تعلن عن رجل الاعمال الذي قالت التحقيقات انه مول وخطط لحادث السفارة الاسرائيلية، لا تستحق التقدير من الشعب لانها تخفي عنه حق المعرفة، الحكومة التي تشكل لجنة تقصي حقائق وتأتيها توصية بعزل محافظ اسوان لأنه لم يعالج الازمة بحصافة سياسية، ولا تتخذ ضده الاجراءات الواجب اتخاذها لاخماد النار قبل ان تشتعل، هي حكومة قاصرة في الفهم السياسي، مريضة بالبطء، لا تعي معني وحدة الوطن وامنه القومي، هي ذات الحكومة التي لم تلفت نظر محافظ الشرقية الذي سار علي درب رئيسه عندما كافأ الشحات بشقة ووظيفة لنجاحه في انزال واحرق العلم الاسرائيلي، كلاهما مغيب سياسيا عن ردود الافعال التي ستقابل بها مصر لعدم التزامها بالمواثيق والمعاهدات الدولية، لا يسعني في خضم هذه النكبة الا ان اقدم التحية للدكتور حازم الببلاوي الذي بادر بتقديم استقالته اعتراضا علي معالجة الحكومة المخزية لاحداث ماسبيرو، تحية للضمير الحي اليقظ الذي يتحرك بداخله، وكل الخزي للتليفزيون الرسمي الذي سقط في مستنقع الاكاذيب وحرض علي اشعال الفتنة بأكثر مما كان يفعل تليفزيون انس الفقي قبل الثورة.