كانت مشاركاته بلجنة المصطلحات الطبية في مجمع اللغة العربية بالقاهرة متميزةً جدًّا، ومثالًا يُحتذي في سعة المعرفة والاطلاع والموسوعية والتعمق في اللغة العربية وتراثها؛ حيث كان يضع لكل مصطلح طبي بلغته الأجنبية مقابلًا عربيًّا لا ترجمةً، تُسعفه في ذلك ذاكرته القوية، وما كتبه من جذاذات تصحبه حيثما حل، فيخرج من جيبه ورقة مكتوبًا فيها عدد من الألفاظ التي استخدمها العرب ووردت عنهم في المعاجم اللغوية، للدلالة علي الأدواء المختلفة بصفاتها وأعراضها وطرق العلاج، استخرجها في أثناء قراءته معجم لسان العرب لابن منظور، ورتَّبها، فإذا اتفقت الأعراض وضع المقابل العربيَّ للمصطلح الأجنبي، فعرَّبَ وحدَّثَ وسايرَ التقدمَ العلمي في آن معًا. إنه د. أحمد عمار، من مواليد محافظة المنوفية عام 1904م، حفظ القرآن الكريم في سن صغيرة، وحفظ أيضًا ألفية ابن مالك في النحو والمعلقات الجاهلية، والمفضليات، ولعل ذلك ما جعله مميزًا بين أقرانه، وفي مجمع اللغة العربية أيضًا. التحق بالمدرسة الابتدائية الأميرية بشبين الكوم سنة 1913م، ثم تتابعت مراحل التعليم حتي التحق بكلية الطب، ثم اختير في بعثة لإنجلترا سنة 1927م، ثم حصل فيها علي درجة زمالة كلية الجراحين الملكية سنة 1930م. وكان عميدًا لكلية الطب بجامعة عين شمس ثلاث فترات متتالية. وقد اختير رحمه الله لعضوية مجمع اللغة العربية سنة 1951م. وقد كرمته الدولة فمنحته جائزة الدولة التقديرية في العلوم سنة 1981م. واشترك مع اللواء الركن محمود شيت خطاب (عضوالمجمع العلمي العراقي) في ترجمة 80 ألف مصطلح في شتي العلوم والفنون إلي اللغة العربية، وكان يردد دائمًا: »أيهما أحفظ لتراث اللغة: أن ندخل عليها لفظًا أعجميًّا مهما صقلناه بدا في لغتنا كالرقعة المختلفة عن نسيج الثوب؛ أم أن نرقع ثوبنا من نسيجه نفسه فتتسق رقعتنا مع الثوب؟». توفي د. عمار عن 79 عامًا، ومما تركه تراثًا لنا: »في صحة المرأة»، و»مصطلحات طبية معربة».