هذه لحظة للحزن، ولكنها لابد أن تكون أيضاً لحظة للمراجعة، وللعمل الجاد من أجل تصحيح الخطأ وتضميد الجراح، والوقوف صفاً واحداً من أجل إنقاذ وطن عزيز نعلم جميعاً أنه في خطر! أسهل الأشياء أن نقول إنها المؤامرة، ثم نظن أن ذلك يبريء الجميع من المسئولية!!.. إن مؤامرات الأعداء لم تتوقف يوماً، وهم يعلمون أن وحدتنا الوطنية هي الجدار الصلب الذي يحمينا. ومن هنا تتركز عليه ضرباتهم، فما الذي فعلناه لنواجه هذه المؤامرات وماذا قدمنا لتحصين جبهتنا الداخلية وحماية الثورة التي أثارت مخاوف الكثيرين علي مصالحهم في مصر وفي المنطقة؟ للأسف.. لم نفعل شيئاً، بل تسابق الجميع في تبديد أعظم ما قدمته ثورة يناير.. هذه الوحدة التي جمعت كل قوي الشعب الطامح في التغيير، والتي جعلت من الشعب والجيش »إيد واحدة«.. وها نحن بعد ثمانية شهور من الثورة نواجه المحنة الحقيقية، والوطن يتعرض للدمار، وأعداء الوطن يفتحون أبواب الجحيم أمامنا، والبعض منا يرفعون المصحف أو الصليب ويندفعون إلي الباب الملعون!! القضية ليست في بناء كنيسة بل في محاولة هدم وطن.. والمشكلة ليست في محافظ أو مسئول تسببت تصرفاته الغبية في إشعال الموقف، بل في حكومة تقودنا من فراغ إلي فراغ.. ومسئولين نقلونا خلال ثمانية شهور فقط من المشهد الرائع في ميدان التحرير إلي المشهد المجنون في ماسبيرو!! الموقف خطير، والمتآمرون في الداخل والخارج يعرفون ما يفعلونه جيداً، وحديث »التدويل« واستدعاء التدخل الأجنبي لا يواجه بقصائد الشعر أو جلسات المصالحة الوهمية التي تعودنا عليها، وإنما بحسم الأمور وتطبيق القانون والضرب علي أيدي مشعلي الفتنة، وبحكومة أخري لا تمارس »الطبطبة« أو تخاف المواجهة، ولا تسمح بإهدار هيبة الدولة. بعدما حدث، لم يعد ممكناً السكوت علي تمويل أجنبي للفتنة، ولم يعد ممكناً ترك قوانين دور العبادة وعدم التمييز في أدراج المسئولين، ولم يعد ممكناً ترك مشعلي الفتنة يقطعون الأيدي والأنوف ويحرقون الكنائس ويستولون علي المساجد دون عقاب! بعدما حدث، لم يعد ممكناً أن يقال »إن مدنية الدولة هي قضية أمن قومي« ثم تبقي التعديلات الدستورية المطلوبة معطلة، ولم يعد ممكناً أن يداس بالأقدام علي القوانين التي تمنع الأحزاب الدينية، ولم يعد ممكناً ترك مستقبل مصر في أيدي من لا يؤمنون بأن »الدين لله.. والوطن للجميع«.