اعتدنا نحن المصريين علي إدانة النظام ككل والحكومة، وعادة نقصد بها رأس السلطة علي أي وكل مشكلة وأزمة نري فيها خطأ من طرف مسئول ينتمي إلي مؤسسة من المؤسسات وحتي إلي الجهاز الإداري علي اتساع هياكله، ونادراً ما ننظر إلي أنفسنا وأقصد المنتسبين لمؤسسة من المؤسسات أياً كانت باعتبارنا المسئولين عن المشكلة أو الأزمة. والحق أن تفشي الأزمات المتكررة في واحدة من المؤسسات ومواقع العمل علي اختلافها.. سيما تلك التي تكون سبباً بضياع الحقوق وبتعرض طرف من الأطراف لظلم لا يكون سببها بالأساس قواعد للعمل أقرها النظام السياسي ولا حتي وضعتها المؤسسات التشريعية ولا لائحة رسمية بالمؤسسة ذاتها وإنما كثيراً ما يكون وراءها بالأساس سيادة مفاهيم القبلية بين أصحاب المهنة الواحدة أو المنتسبين لمؤسسة واحدة من المؤسسات، والذين تجمعهم خارج إطار القوانين وقواعد العمل انحيازات عمياء للمجموعة والفئة والمؤسسة تطغي علي الانحياز الطبيعي والمفترض لما هو حق. وفي ذلك تري كثيرا من المشكلات التي تلتبس فيها الحقائق وتضيع فيها الحقوق كأخطر ما يهدد السلم الاجتماعي في أي مجتمع وراءها سقوط طرف في يده سلطة ما ويملك اتخاذ قرار وموقف في اختبار الحيادية إذا ما وضع حكماً ما بين زميل مخطئ وطرف لا ينتمي للمهنة وللفئة نفسها، فيبني موقفا علي أساس انحياز مسبق يقوده للتعامي عن الحقائق وتجاهل ميزان العدل كمقتضي وظيفي وضميري وفي ذلك تستوي قاعدة استباحة الحقوق لحساب الانتماء القبلي سواء كان من سيظلم من المسئولين أو كان مواطنا بلا موقع مادام قد وقف أيهما في مكان صاحب الحق الذي إن ناله سيدين زميلا أخطأ فالأولوية عند أمثال هؤلاء ليست للحق وإنما حماية الزميل بكل السبل، وفي الأمر لمن لا يعلم خيانة للأمانة المهنية والوظيفية ومن قبلهما للضمير الإنساني وللمجتمع والوطن كله وللمسئولية التي تفرض علي الجميع العمل علي صلاح المجتمع والذي يحققه بالأكثر كفالة الحقوق. الانحيازات القبلية ليست حكراً علي مهنة لكنها آفة تمكنت من العقل الفئوي في كل مجالات العمل تقريباً، فتري ضابطا ينحاز إلي ضابط وطبيبا ينحاز لطبيب وصحفيا ينحاز لصحفي وموظفا ينحاز لموظف وحتي من يفترض بأنهم سدنة العدل فلا يخلو الأمر من انحيازات لبعضهم البعض.. الانحياز لغير الحق هو محنة وطنية من صنعنا، تعكس تخلفا حضاريا لم يحل دونه تعليم ولا تربية أري ضرورة عودة التربية الاجتماعية والوطنية والقومية بمبادئها السامية وبشروح عصرية للمدارس والأهم لابد أن تكون عنواناً للتوعية والإرشاد الوطني يتبناه الإعلام ومؤسسات الدولة.