التطورات علي الساحة السياسية في العراق لا تبشر بالخير الذي يمكن ان يضع نهاية لمأساوية ما شهده وسوف يشهده من احداث وتمزق لوحدته واستقراره وسيادته علاوة علي تهديد أرواح ابنائه الذين تساقطوا ويتساقطون بمئات الآلاف منذ الغزو الامريكي الاسود. آخر هذه التطورات التشاؤمية ما تم إعلانه عن تحالف شيعي تحت رعاية ايرانية كاملة بين الائتلاف الوطني الشيعي الذي يتزعمه عمار الحكيم وبين جبهة دولة القانون التي يتزعمها نور المالكي- رئيس الوزراء المنتهية ولايته- من اجل إقامة تجمع سياسي يعطيها الحق في تشكيل الحكومة الجديدة. وكما سبق وكتبت من قبل فقد سعي هذان الحليفان الي زيارة طهران بناء علي اشارة من حكامها لإزالة الخلافات بينهما والتقريب بين وجهتي نظريهما انطلاقا من العلاقات القوية التي تربطهما بالدولة الفارسية الشيعية. وليس خافيا ان ملالي ايران يحفظون للمالكي الجميل بعد تبنيه لسياسة فتح الابواب العراقية امام النفوذ الايراني علي أوسع نطاق رغم انه جاء بدعم ومساندة الاحتلال الامريكي الذي يحتار العالم في تفسير سياساته وتوجهاته. ان الأمريكيين الذين يحتلون العراق، وفي نفس الوقت يعلنون فيه في كل مناسبة معاداتهم للنظام الايراني- الي درجة الصدام- نجدهم يسمحون للعملاء الايرانيين بالسيطرة والهيمنة علي مقدرات الامور في الدولة العراقية التي احتلوها بالقوة المسلحة. واذا كان هذا هو الحال بالنسبة لرئيس الوزراء نور المالكي الذي يخضع خضوعا كاملا لتعليمات طهران فان الوضع لا يختلف ابدا وحليفه عمار الحكيم ابن عبدالعزيز الحكيم الذي كان يستوطن ايران وتوفي أثناء رحلة علاج استمرت شهورا في مستشفيات طهران. وتشير مجريات الأمور الي ان الجهود الايرانية قد تركزت في الايام الاخيرة علي اقامة هذا الائتلاف الشيعي من اجل ابعاد القائمة العراقية برئاسة اياد علاوي الشيعي الذي يطالب بدولة عراقية لا تتحكم فيها الطائفية الدينية التي كانت سببا في حالة الخراب والدمار التي سادت العراق. لقد أحدث فوزه بأكبر نصيب من مقاعد البرلمان العراقي في الانتخابات الاخيرة صدمة لإيران والمالكي وهو ما دعا طهران إلي تحرك محموم من اجل الجمع بين الحزبين اللذين يدينان بالولاء لها. المراقبون المحايدون والوطنيون العراقيون يرون في هذا التحالف الشيعي الايراني المريب دعوة لاستمرار الصراعات الطائفية وهو الامر الذي سيؤدي الي استمرار حمامات الدم وتصاعد الدعاوي الانفصالية التي تهدد سيادة ووحدة العراق. نجاح هذا المخطط الايراني الذي يستهدف تصفية الحسابات وخدمة سياسة السعي للهيمنة والسيطرة علي منطقة الخليج يعني ان لا أمل أبدا في تحقيق استقرار كل منطقة الشرق الأوسط. الخوف من تأثير هذه الخطوة علي حالة الأمن الهشة التي يعيشها العراق وما يترتب علي تداعياتها من اضطرابات دعا بعض السياسيين إلي المطالبة بتشكيل حكومة شراكة وطنية تشمل كل القوي بما في ذلك القائمة العراقية برئاسة اياد علاوي. كما هو معروف فان هذا التكتل السياسي يضم غالبية الجماعات السنية. إنه يؤكد ويصر علي حقه في تشكيل الحكومة علي أساس فوزه بأعلي عدد من مقاعد البرلمان وفقا للدستور. وتضيف أحزاب الأكراد بزعامة جلال طالباني رئيس الجمهورية الحالي ومسعود البرازاني رئيس إقليم كردستان مشكلة أخري لامكانية اتمام عملية التحالف الشيعي حيث تطالب بنسبة لا تقل عن 52٪ من المناصب الوزارية بالإضافة إلي منصب رئيس الجمهورية. ومازال الموقف غير واضح بالنسبة لهذا المنصب وكذلك منصب رئيس البرلمان وتسمية رئيس الوزراء نتيجة الخلاف بين جماعات الشيعة من جانب وبين الشيعة والسنة والاكراد من جانب آخر حول الأحقية في شغلها. وتأتي الزيارة التي قام بها جلال طالباني للقاهرة ولقائه بالرئيس مبارك وكبار المسئولين المصريين كمحاولة لطمأنة الأوساط العربية بما يجري التخطيط له في العراق. وليس أمامنا سوي الانتظار والترقب. جلال دويدار [email protected]