إذا كان البعض يتصور أن استضافة كأس الأمم الأفريقية مجرد تجهيز لاستادات وفنادق ووسائل مواصلات، وأن المنتخبات المشاركة تلعب مبارياتها وتروح بلدها تكون هذه المنظرة قاصرة ومتأخرة. إذا كان البعض يتصور أن تنظيم البطولة يعني مجموعة من الأشخاص يستقبلون الفرق الكروية في المطار وينقلونهم إلي الفنادق ثم إلي الملاعب للتدريب أو المباريات وينتهي الأمر بانتهاء مشاركة كل منهم في أدوار البطولة المختلفة يكون مجرد موظف يعيش في أجواء الستينيات أو السبعينيات من القرن الماضي، ولم يدرك ما تحققه هذه الأحداث الرياضية من مكاسب اقتصادية وسياحية وسياسية وبالطبع فنية ترتقي بمستوي اللعبة. وإذا كانت كأس الأمم الأفريقية ستقام في مصر، فالهدف الذي يجب أن نضعه أمامنا ونسعي لتنفيذه بكل دقة ، أن تكون بطولة "الكان 2019" علامة فارقة في تاريخ اللعبة الشعبية الأولي تظل كل القارة السمراء تتذكرها علي مدي عقود. البطولة ليست فرصة للمجاملات ولا للتجارب وإنما لكوادر ذات خبرات تصنع الإنجازات في الفترة المحدودة من الزمن، المتاحة حتي انطلاق الحدث الذي سيترقبه العالم. ولكي يكون الهدف محدداً والخطوات مركزة في اتجاه النجاح الباهر ولكي نستغل كل ثانية متبقية من الأيام التي تسبق الافتتاح يجب أن نسير وفقاً لهذه الرؤية. الاستادات العالمية أولاً: إن البطولة فرصة لكي تضع الحكومة بكل ثقلها وأجهزتها خطة إعادة تطوير الاستادات لتنتقل نقلة نوعية ويتم تنفيذ جانب كبير من التطوير المنشود والذي من أجله تم تأسيس شركة خاصة للاستادات تجعل الملاعب المصرية بمستويات عالمية، وهي قيمة مضافة للرياضة المصرية وما تعده الشركة يؤهل لذلك كما أكد لي شريف شديد مديرها العام. كرنفالات جماهيرية ثانياً: الأمم الأفريقية ستكون النموذج الذي عليه تسير في عودة الجماهير للمدرجات بعد تجربة وتثبيت تجربة استخدام الوسائل الالكترونية وترسيخ قاعدة بيانات وأيضاً تأهل كوادر تنظيمية من الشباب تتسلح بخبرة أصحاب التجارب، لتكون كل المباريات فيما بعد بأداء تنظيمي متميز جداً من الذين سيخوضون تجربة تنظيم كأس الأمم ويكونون جاهزين لمزيد من الأحداث الرياضية المقبلة التي تتطلع مصر لاستضافتها ومع عودة الجماهير لابد أن تكون هناك فاعليات ومهرجانات تجعل من الاستادات كرنفالات يستمتع بها الحاضرون والمشاهدون وتنقلها وسائل الإعلام. اللقب الثامن ثالثاً: إن البطولة ستمنح الكرة المصرية فرصة لاستعادة قمة القارة الأفريقية كما كانت حينما حصلت علي الثلاثية من 2006 إلي 2010 بالحصول علي 3 ألقاب متتالية في سابقة رياضية تاريخية لم تحدث في تاريخ المونديال الأفريقي. سيلعب المنتخب علي أرضه وبين جماهيره وتتوافر له عوامل النجاح لكي يحرز اللقب الذي فقده في المباراة النهائية في آخر بطولة أمام الكاميرون، ولن يلتمس أحد العذر لجيل الملك محمد صلاح النجم الأسطوري إذا لم يتوج باللقب ويعيد أمجاد منتخب الساجدين الذي كان يقوده المعلم حسن شحاتة. كوادر كثيرة رابعاً: لابد أن يعلن المسئولون في وزارة الشباب والرياضة واتحاد الكرة عن اللجنة التنفيذية للبطولة والتي تضم رؤساء اللجان الفرعية ومدير البطولة. تم طرح العديد من الأسماء للمنصب التنفيذي الذي سيلقي عليه العبء الأكبر في إدارة الحدث والتنسيق مع كل الجهات المعنية في مصر وخارجها منهم المهندس خالد مرتجي الذي له خبرات في العديد من البطولات والعمل مع الفيفا والمهندس مصطفي مراد فهمي رئيس لجنة البطولات السابق في الفيفا والذي تولي منصب سكرتير عام الاتحاد الأفريقي وأيضاً النجم الشاب محمد فضل الذي اعتزل كرة القدم مؤخراً وعمل لعدة أشهر مسئولاً عن التعاقدات في النادي الأهلي ويلقي تأييد من الاتحاد ولكن للوزارة رأي آخر. صناعة أجيال و مصر بالطبع لديها الكثير من الكفاءات وكما نجحت في تنظيم كأس الأمم 2006 وكأس العالم للشباب 2009 وكان مدير البطولة المهندس خالد عبدالعزيز الذي أصبح فيما بعد وزيراً للشباب والرياضة وقدم مستوي طيباً خلال فترة تركية البطولتين أهلته للمنصب الرياضي الرفيع. والمؤكد أن الوزير الحالي الشاب الدكتور أشرف صبحي وهو من الكوادر العلمية الأكاديمية ولديه رؤية لعدد من المرشحين للعمل في لجان البطولة.. وسبق له المشاركة في إدارة العديد من الأحداث وهو الآن علي قمة الهرم الرياضي ويجب أن يكون أي شخص سيتم اختياره له مقومات دقيقة، لأنه يعرف أن الوقت المحدود لا يسمح بالتجارب وإنما يمكن أن يكون جامعة لصناعة أجيال مؤهلة تتولي المسئولية فيما بعد في كل القطاعات الرياضية والسياحية والإعلامية والاستثمار والتسويق الرياضي. المواجهة الإعلامية خامساً: أمامنا خطر كبير في مواجهة تيارات الإعلام العادي الذي يستهدف تشويه كل شيء في مصر لذلك علينا تجهيز خطة إعلامية يقودها الكثير من الوسائل والأجهزة لتضع أمام العالم حالة من الإبهار بما تفعله مصر من استضافة هذا الحدث الكروي وليس الانتظار لكي نتعامل برد الفعل. هذه مسئولية كبيرة ويمكن فيها الاعتماد علي عدد من الكوادر المصرية الواعية إعلامياً ومن لهم خبرة في التواصل مع وسائل الإعلام العالمية ولعل أول ما يتبادر إلي ذهني في مجال الإعلام الرياضي الزميلة إيناس مظهر المنسق الإعلامي السابق للمنتخب والإعلامي الشاب محمد ثابت الذي ترأس إدارة الإعلام في الكاف وعمل منسقاً إعلامياً في العديد من الأحداث الكروية آخرها مونديال روسيا، ولدينا أسماء كثيرة في هذا الصدد. بعيداً عن السلبية ومواجهة الحرب الإعلامية وصناعة صورة مصرية مبهرة تضيف إلي القيم الاقتصادية والسياحية والرياضية والتسويقية المصرية الكثير بدلاً من أن تكون هناك عوامل سلبية. الأهداف التي يمكن أن نحرزها كثيرة ويبقي أن نلعب كفريق واحد وفقاً لخطة لها كفرق متفرق كل منها يريد تعطيل الآخر أو الظهور علي حساب الباقين وهي من السلبيات المفجعة في الإدارة المصرية، وإلا يتم الاختيار بالمحبة والمجاملات أو لإسكات أصوات بعض المبتزين الذين يجدون في هذه الأحداث بيئة جيدة للتشويه أو الابتزاز فمصر أكبر من الأشخاص أياً ماكانوا، والأمم الأفريقية 2019 فرصة تاريخية لاستعادة الكثير من الإنجازات التي تحتاجها مصر في كل المجالات.