الحنين إلي الوطن دائم لا ينقطع؛ فالغربة كما تكون هجرة في سبيل الله ما أنا عليه الآن هي أيضا عقوبة قررها الإسلام عندما قال الحق سبحانه وتعالي:" أو ينفوا من الأرض"، وصدق شوقي حين قال:" وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد نفسي". إنها مصر التي نحنُّ إليها مهما ابتعدنا أو غربتنا الأيام والسنون. الآن وقد انتقلت من القاهرة العامرة إلي الرياض الزاخرة لتدريس الأدب العربي لطلاب جامعة الإمام محمد بن سعود، ابتعدت عن مصر جسدا لكنها تسكن في القلب هي وأهلها بصخبها وضجيجها، بألقها وشوارعها متسعة وضيقة بناسها بطوائفهم المختلفة. خرجت من مصر، واقتربت من الحرمين الشريفين: الحرم المكيِّ، والحرم النبوي الشريف ففيهما راحة النفس والروح، وفيهما أمل كل مشتاق لتوبة من الله وهدي ورضوان. لعل لنا في سفرنا هذا خيرا وبركة كتبهما الله لنا، وليكتب الله الخير لكل من نحب، ويوحِّد صف الأمة من أقصاها إلي أقصاها، ويصدّ عنها كل بلاء وسوء.