عزيزي الأستاذ الكاتب الكبير أحمد بهجت، احترام وتقدير، كيف حالك سيدي الكاتب وأنت تطوي خمسين عاما من الكتابة، هل أنت سعيد ؟ إنتهيت منذ قليل من قراءة كتابك الجميل : قصص الحيوان في القرآن، وكنت أمس قد أنهيت قراءة خمسة كتب من أروع ماكتبت . منها : أنبياء الله ومذكرات صائم وثانية واحدة من الحب . الأول : قصص الحيوان في القرآن، تستحق عنه جائزة نوبل للحب ، وللأدب، وإن كنت لن تنالها، فهي لاتستحقك، والأخير : ثانية واحدة من الحب، من أروع ماقرأت في مذكرات عاشق علي مدي ماقرأت من قصص وروايات ومذكرات، كنت دائما أسأل نفسي كلما أنهيت كتابا: في أي ظرف وأي زمن وبأي طريقة كتب أحمد بهجت بهذه المتعة وهذا العمق ؟ أعرف كم بذلت من جهد لتحول أفكارك إلي كتب ملهمة وثرية تعيش عبر كل وقت وكل عصر، لقد كتبتها ياسيدي حبا في الكلمة التي احترمت حروفها، ولم تكتبها بحثا عن شهرة أو منصب أو سعيا وراء ترجمة لأعمالك أو أوسمة تحصل عليها ولم تأخذها علي الرغم أنك تستحق أكثر منها .. منذ شهور بعيدة رأيتك بين أروقة الدور الخامس في جريدة الأهرام، كنت تحمل ذكرياتك وتمضي، تتأمل الحوائط والصور والبشر .. الزمن الذي مضي وأحلام الشباب التي رحلت .. كانت في عينيك دموع لاتبكيها وعبارات لاتقولها وأماني لاتفصح عنها . شيخ لايهمه كم يبقي من أيام .. يبحث فقط عن صفحات باقية في العمر ليكتبها .. هذا قلمك الرصاص الذي أهديتني ذات يوم مازال معي، وهذه أوراق بخطك الدقيق عليها مقال ضائع من صندوق الدنيا، أيها الفيلسوف العجوز كم أنت مبدع ؟ فهل .. أنت حزين أنك قضيت سنوات عمرك بكل أمانيها وقوتها منكفئا علي مكتبك الأرابيسك الصغير .. تكتب صندوق الدنيا الصغير في الصفحة الثانية من الأهرام. لمن كانت الكلمات ياصاحب الكلمات ؟ من يسأل عنك الأن في وحدة أراك إنتظرتها لتعطيك فرصة أكبر وأعمق للتأمل في هذه الحياة التي هي دائما سؤالك وحيرتك وغايتك، من ؟ .. هل سأل عنك أبناؤك في الأهرام، هل سأل عنك ناشر منحته بخط يدك وعرق قلمك خلاصة عمرك وإبداعك زارك مخترقا صمتك وصلاتك ؟ هل سأل عنك ناقد أو زميل أو أديب أو كاتب أو ممثل أو عابر سبيل ؟ هل تظن الآن أن السنوات النابضة التي ذهبت كان لابد أن تعيشها عصفورا حرا كما يسافر يغرد.. وكما يحب يحلق .. وكما يكتب يستمتع بالحياة . أعرف . حين يأتي السؤال في وقت غير الوقت يصبح جرحا.. ويبقي سؤال بدون إجابة .. فمن يجيب علي المستحيل سوي بالمستحيل.. فهل أنت وصلت إلي حلمك القديم.. أم وضعته علي ورق لعلك تجد عزاءك في زمن غير الزمن يعرف قيمة أن يكون فيه أحمد بهجت كاتبا ساخرا وفيلسوفا ومفكرا ولاذعا ولاسعا ولاعبا وطفلا في سنواته الأولي المدهشة ! كم مرة زرتك في بيتك ياصديقي الكبير العجوز الشاب، كم مرة تركتني أتأمل كيف تكتب بهذه البساطة كلماتك علي الورق الأصفر.. فتصل لنا بسيطة كما هي.. حرة كما هي.. ساخرة كما هي..، كم مرة تركت كوب الشاي يبرد وأنت ترتدي رداء صوفي الحس تغرق معه في صمتك الجميل ؟ صوفي يتمتع بعقل متفتح، فيلسوف لم تمنحه جنسيته العربية شهرة يستحقها ومالا يساوي موهبته وحرية تشبه إبداعه ومقاما يليق بموهبة مبدعة في صدق يشبه لوح العسل الطازج من مملكة نحل . أنا من أحباءك فهل تقبل نقطة حبر أضعها علي ورق أبيض أصنع منها سفينة تحملك إلي حيث تستحق أن تكون، وأنت تستحق أن تكون وتكون . لايغضبك مني أرجوك أن أدعو القراء من الشباب أن يحتفوا بك كما يتمني الأدباء الأحتفاء بهم .. بأقتناء وقراءة مجموعة أعمالك الساحرة البسيطة العميقة البريئة البرية .. وسوف أضمن أنني قدمت لهم خير كثير. هل أنت سعيد ؟ لاتبكي ولا تفعل.. فقدرك محفوظ وقدرك أن تبقي كاتب لايكتب .. إنما يتوضأ بالحروف.. لك كل الحب ودوام الصحة والعافية والإبداع إن شاء الله .