[email protected] قبل الثورة.. كان الإحباط يسيطر علي الجميع في كل جوانب الحياة.. ماعدا القلة القليلة التي استفادت من ارتباطها بالنظام.. لذلك نشأ من الإحباط قلة الضمير.. وأصبح الحرام حلالاً والحلال حراماً.. الكل يخطف ويجري.. ومن أجل لقمة العيش والاستمرار في الحياة كانت هناك أمور تحدث وتحدث.. هناك من يبيع ضميره.. وهناك من يبيع جسده.. ومن كان يخاف الله فعليه أن يتحمل تبعية ذلك. وبعد الثورة وانهيار الحكم الفاسد.. وفناء امبراطورية التوريث.. ارتفع سقف الأحلام.. وأصبح من حق أي إنسان أن يحلم بحياة كريمة حرة بعيداً عن قهر أمن الدولة.. وقهر الطغاة الذين سيطروا وسخروا كل شيء في البلاد من أجل مصلحتهم فقط. ولكن.. وبعد مرور شهور علي انطلاق الثورة.. أصبح الإحباط أكثر وأكثر.. وأصبح الخوف علي مستقبل البلاد يزداد يوماً بعد يوم وخرج إلي النور جماعات وجماعات.. الكل هدفه الانقضاض علي البلاد بأي طريقة ولا هم لهم إلا الوصول إلي الحكم.. يتعاملون بمنطق الحزب الوطني المنحل »الغاية تبرر الوسيلة« وفي مقابل ذلك لديهم الاستعداد لفرم من يقف في طريقهم أو يعترض علي آرائهم.. وهم يرددون انت مش عارف أنا ابن مين. وبعد أن خلصنا الله من الحزب الوطني أتحدي أي متخصص أن يحصي عدد الأحزاب والجماعات التي تكونت بعد الثورة.. هذا إخواني.. وهذا سلفي.. وهذا جهادي.. وهذا ناصري.. وهذا يساري.. وهذا علماني.. وهذا شباب الثورة.. وهذا اتحاد شباب الثورة.. وهذا ائتلاف شباب الثورة.. مسميات كثيرة لا يستطيع أحد حصرها.. الكل يبحث عن مصلحته فقط وكيف ينقض علي الحكم ليحول البلاد إلي امارة إسلامية أو إلي دولة علمانية. لأن الجميع يتصارع.. »ومحدش عارف حاجة« أتت الثورة برئيس وزراء من الميدان ولكن يبدو أنه طيب أكثر من اللازم.. فترك البلاد في حالة من الفوضي.. الأطباء مضربون عن العمل والمدرسون أيضاً وسائقو النقل العام، والعام الجامعي تم تأجيله لحين انتخاب رؤساء الجامعات وعمداء الكليات.. جميع قطاعات الدولة في حالة انهيار.. والأسعار تحرق المواطن، ورئيس الوزراء لا حول له ولا قوة.. يرضي هذا.. فيزعل الآخر وهكذا.. وبدلاً من قيادة البلاد إلي الأحسن.. تحول بفعل فاعل إلي رجل مطافئ.. يطفئ النار في مكان.. فتشتعل في مكان آخر.. وهكذا تحولت البلاد إلي حالة من الفوضي.. ومن الصعب السيطرة عليها حتي الآن. أعلم أن كل فرد من حقه الإضراب ليعلن عن رأيه أو ليحقق هدفاً من أهدافه.. في كل دول العالم.. الإضراب لفترة محدودة حتي تصل الرسالة إلي قادة البلاد.. بعدها يعودون إلي العمل.. لكن ما يحدث في البلاد حالياً.. أشبه بعصيان مدني وبدلا من أن يواجهه رئيس الوزراء بالحسم والحزم فإذا به يطبطب علي هذا ويقول للآخر حقك عليّ. ما هكذا تدار البلاد.. لابد من الضرب بيد من حديد علي من يعطل العمل أياً كان موقعه أو مكانته، فالبلاد في حالة انهيار.. ولابد أن تحكم بقبضة من حديد وعلي من يعترضون علي استمرار حالة الطوارئ أن يقدموا البديل، ومن يعترض علي المجلس العسكري عليه أن يصمت. قبل الختام: بالله عليكم.. هل أنتم متفائلون علي مستقبل مصر. أنا شخصياً غير متفائل علي الإطلاق.. فهي كالجسد المريض تنهش فيه الحيوانات المفترسة ولا يستطيع أن يقاوم.. أخاف عليها من سيطرة فصيل واحد والانفراد بالحكم.. والتيار الإسلامي يتعامل مع الجميع علي أنه ولي الأمر.. وعلي الجميع إطاعة الأوامر.. لكِ الله يا مصر.. وربنا يحفظك من أولادك قبل أعدائك.