مرحلة جديدة من العمل السياسي تبدؤها مملكة البحرين، بعد ان انتهت من اجراء الانتخابات النيابية والبلدية في نسختها الخامسة، لتؤكد من جديد حرصها علي استمرار تجربتها الديمقراطية، مهما واجهت من صعاب وتحديات، من خلال التواصل والمشاركة بين القيادة والشعب، بما يسهّل عملية التنمية الشاملة في البحرين، ويقطع معها محاولات تشويه المسار الديمقراطي المتّفق عليه بين سائر البحرينيين، كما انها تقدم دليلا ملموسا علي استقرار الوضع الداخلي للبحرين، وتفنّد ما تروّج له المعارضة، المحسوبة علي ايران، من وجود حالة احتقان داخلي ليس لها وجود سوي في اذهان المروجين لها، ونتوقف هنا عند العديد من الملاحظات حول تلك الانتخابات وهي كالتالي: اولا: من الظلم ان ننظر إلي هذه الانتخابات كحدث منفصل خارج السياق العام، الذي يشير إلي انها تأتي في آطار المشروع الاصلاحي، التي اقرته قيادة البحرين منذ تولي الملك عيسي بن سلمان مقاليد الحكم في عام 1999، والتي تتسم بالشمول، ولا تقتصر فقط علي البعد السياسي رغم أهميته، ولكن علي العديد من المحاور منها إقرار ميثاق العمل الوطني الذي أقر باغلبية تصل إلي اكثر من 90 بالمائة في الاستفتاء الشعبي الذي جري في فبراير 2001، ومنها أيضا إقرار دستور جديد للبلاد بديلا لدستور 1973 وكان ذلك في عام 2002، والذي جري علية تعديلات في عام 2012، وكان ذلك هو الأساس الذي تم من خلال الالتزام بوجود سلطة تشريعية فاعلة، من خلال انتخابات حرة ونزيهة وشفافة عبر صناديق الاقتراع بدأت وبانتظام منذ 2002 وتجري كل اربع سنوات ماعدا انتخابات تكملية في عام 2012، بعد محاولة جمعية الوفاق الشيعية افشال التجربة، باستقالة كل نوابها من المجلس. ثانيا: الأرقام لا تكذب، ومن خلالها ندرك تماما زيادة عدد المرشحين والذي وصل إلي 293 للمجلس النيابي يتنافسون علي 40 مقعدا، و137 مرشحا علي 30 مقعدا للمجالس البلدية، والاهم هنا هو معدلات الإقبال المتصاعدة من الشعب البحريني علي المشاركة السياسية عبر صناديق الاقتراع في الانتخابات البرلمانية والبلدية، والتي تراوحت مابين اكثرمن 50 بالمائة ألي ان وصلت في الانتخابات الاخيرة إلي 76 بالمائة، وهي أعلي نسبة تصويت في تاريخ الانتخابات بالبحرين، مما يؤكد فشل مخطط دفع الشعب البحريني إلي عدم المشاركة، من خلال رسائل مصدرها ايران وذراعها في الداخل جمعية الوفاق الشيعية المنحلة وغيرها، ممن يسير في فلكها، مضمونها إشارة إلي عدم وجود اسماء من تلقوها في كشوف الناخبين. ثالثا: كشفت الانتخابات الاخيرة ومن قبلها انتخابات عام 2014 ان المزاج العام لدي الناخب البحريني اصبح يميل اكثر إلي المرشح المستقل، بعيدا عن مرشحي الجمعيات السياسية، والتي شاركت في الانتخابات بحوالي 30 مرشحا، خاصة التيارات المنتمية إلي تيار الاسلام السياسي. رابعا: تبقي قضية جمعية الوفاق الشيعية التي تدفع ثمنا باهظا لممارستها الكارثية، منذ ان تم اعتمادها كإحدي الجمعيات السياسية في البحرين، حتي غابت عن المشهد السياسي، بعد ان ارتهنت نفسها، وقبلت ان تكون احدي أذرع ايران في البحرين، بدلا من ان تكون جمعية وطنية تمثل طائفة مهمة في البحرين هي الطائفة الشيعية، ففي كل انتخابات لها موقف مختلف، تقاطع انتخابات في عام 2003 بفتوي من مرجعها الشيخ عيسي قاسم، ليعود هو ذاته ليفتي بعكس فتواه السابقة، وتشارك في انتخابات 2006 وفازت ب17 مقعدا، وكذلك الحال في انتخابات 2010، ولكنها تورطت في احداث فبراير 2011، حتي وصل الامر إلي محاولة إسقاط مجلس النواب، عندما استقال كل أعضائها من البرلمان، وكذلك الوزراء المحسوبون عليها، ولكن سرعان ما تعافت البحرين، وأجرت انتخابات تكميلية في عام 2012، لتعويض النقص في اعضاء مجلس النواب، وعادت للمقاطعة في انتخابات 2014، حتي أيدت محكمة الاستئناف في سبتمبر من عام 2016 حكما صدر في يوليو من نفس العام، بحل الجمعية ومصادرة اموالها، توافق معه حكم بالسجن تسع سنوات من محكمة الاستئناف علي أمين عام الجمعية الشيخ علي سلمان، دون ان يعني ذلك خلو البرلمان من الشيعة، فهناك من ترشح وفاز من التكنوقراط ومن الذين لم يلتزموا بفتوي عيسي قاسم، وانحازوا إلي خيار الدولة.