لا أعرف بالضبط ما إذا كانت أمثالنا الشعبية هي انعكاس لقناعتنا.. تفكيرنا.. عاداتنا.. طباعنا.. سلوكياتنا.. طريقتنا في التعامل مع الأزمات وحلها أم أننا نتاج لهذه الموروثات تشكلنا وتأثرنا بها وأصبحت هي بوصلة التحكم في قراراتنا وتصرفاتنا وسلوكنا.. كثيرا ما نتساءل بينما نتوقف عند بعض الأمثال الشعبية خاصة تلك التي تبث قيما سلبية وتعكس روحا انهزامية وتبث اليأس والإحباط وتزعزع الثقة وتغرس الشك في القدرات وتثبط الهمم والعزيمة كما يحذرنا المتخصصون في علم الاجتماع.. والحقيقة أن تحذيراتهم تلك كثيرا ما رددناها بتلقائية رغم عدم تخصصنا وإبحارنا في ثقافات الشعوب مثلا.. فمن منا لم يتوقف عند المثل الشعبي القائل »من خاف سلم».. من منا في لحظة تمني أن يحطم حاجز الخوف في نفسه ليواجه أزمته بشجاعة »ويحصل اللي يحصل».. من منا من لم يستفزه المثل الذليل »إن كان لك عند الكلب حاجة قوله ياسيدي» مصححا محفزا نفسه بالقوة مردداً »إن كان لك عند الكلب حاجة قوله يا كلب وبناقص الحاجة دي».. من منا لم يكره أصواتاً تدعي نصحك بينما هي تريد يأسك وجبنك ومخاوفك »الباب اللي يجيلك منه الريح سده واستريح» غير عابئة بما يمكن أن يجلب عليك الباب المسدود علي غير قوة في مواجهة الريح التي حتما ستحطمه وتحطمك معها إن لم تواجهها بقوة تسحقها.. أما أكثر الأمثال استفزازا في دعوته للخنوع والمذلة ذلك القائل »الإيد اللي ما تقدر تقطعها.. بوسها» بالطبع هو لا يعطي بالاً لأن مثل تلك الأيادي لن تتركك تقبلها إلا إذا نلت من صفعاتها ما تستحقه مقابل مهانتك لنفسك وهي بالطبع لن يخفي عليها ما تكنه لها من رفض وشر تماما مثلما تدخره لك من سوء ليضيف قسوة وغلاً وعنفا قدر ما يحمله من مهانة وضعة.. تماما مثلما يدعونا مثل آخر لقبول الاعتداء علينا في صمت جبان »علقة تفوت ولاحد يموت» وكأن سكوتنا الذليل ليس شكلا آخر للموت.