الطلاق أصبح آفة تهدد استقرار المجتمع، ظاهرة خطيرة تواجه الأسرة المصرية، وتضرب الترابط الأسري في مقتل، مؤشر الطلاق أصيب بحمي، يرتفع بشكل مقلق، الأرقام والإحصائيات الرسمية تكشف أن هناك مشكلة يجب مواجهتها، فعندما يصدر الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء تقريرا مفاده أن حالات الطلاق ارتفعت بشكل ملحوظ لدرجة أنه أصبح لدينا حالة طلاق كل 4 دقائق، أي بما يعادل 250 حالة طلاق في اليوم الواحد، هذه الزيادة تدعو إلي القلق، وتدق ناقوس الخطر لجميع مسئولي الدولة للبحث عن أسباب زيادة معدلات الطلاق ومحاولة الوصول لبرنامج وأطروحة من شأنها مواجهة هذا الارتفاع الذي سيشكل تأثيرا وخللا بالمجتمع. إن لم يكن هناك تحرك سريع وجاد.. »الأخبار» تناقش الظاهرة وكيفية وضع حلول واقعية لمواجهتها.. بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، كشفت أن الفئة العمرية بين 25 و30 سنة لدي النساء، وبين 30 و35 سنة لدي الرجال، هي الأعلي في معدلات الطلاق، خلال العام الماضي. وقال الجهاز في آخر نشرة سنوية له لإحصاءات الزواج والطلاق، إن الرجال في الفئة العمرية من 30 إلي أقل من سنة، استحوذوا علي حوالي 20.2% من إجمالي حالات الطلاق. في عام 2017، وسجلت حالات الطلاق بين الرجال في هذه الفئة العمرية نحو 40 ألف حالة طلاق، من إجمالي 198.3 ألف حالة في العام بأكمله، أما الفئة العمرية من 18 إلي أقل من 20 سنة بين الرجال، فقد سجلت 690 حالة فقط، بنسبة 0.3% من إجمالي حالات الطلاق، وفيما يتعلق بالنساء، في الفئة العمرية من 25 إلي أقل من 30 سنة فقد سجلوا أعلي معدلات طلاق، بنسبة 19.6%، بعدد 38.8 ألف حالة، بينما بلغت أقل نسبة طلاق في الفئة العمرية من 65 سنة فأكثر، حيث بلغ عددها 1315 حالة، بنسبة 0.7٪ من جملة حالات الطلاق. وبحسب التصنيف وفقا للمؤهل الدراسي، فإن بيانات جهاز الإحصاء، أظهرت أن الرجال الحاصلين علي شهادة متوسطة في التعليم يسجلون معدلات طلاق أعلي بنسبة 34.5%، مسجلين 68.4 ألف حالة، فيما سجل الحاصلون علي درجة جامعية عليا علي نسبة 0.1% من جملة إشهادات الطلاق، في 2017، أما بالنسبة للنساء، فتشير بيانات الجهاز، إلي أن معدل الطلاق بين الحاصلات علي درجة جامعية عليا بلغ 151 حالة بنسبة 0.1٪ من جملة حالات الطلاق، في 2017. وبحسب الجهاز فإن إجمالي عقود الطلاق ارتفعت بنسبة 3.2%، خلال العام الماضي مسجلة 198.3 ألف »شهادة» طلاق مقابل 192.1 ألف إشهادة في العام السابق له بنسبة زيادة قدرها 3.2٪، بينما بلغت عدد عقود الزواج نحو 912 ألفا و606 عقود عام 2017 مقابل 938 ألفا و526 عقدًا عام 2016 بنسبة انخفاض قدرها 2.8٪.. والمحصلة في النهاية ستجد أن هناك حالة طلاق واحدة تحدث كل 4 دقائق، ومجمل الحالات علي مستوي اليوم الواحد تتجاوز ال 250 حالة. الدكتور أحمد مهران أستاذ القانون العام ومدير مركز القاهرة للدراسات القانونية وقضايا الأسرة، يؤكد أن التفكك الأسري وعدم تجانس العلاقات الأسرية وغيره من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية أسباب مباشرة في ارتفاع معدلات الطلاق والخلع في المجتمع المصري، كما أن الزواج غير الموفق وارتفاع العنوسة والإخفاق العاطفي الذي قد ينتج عنه انحرافات سلوكية تنعكس علي طبيعة العلاقات الأسرية وعلي المجتمع بشكل عام.. وأضاف أن وسائل التواصل الاجتماعي وبخاصة الفيسبوك وواتس آب وماسنجر تعتبر من أهم وأخطر الأسباب التي تتفرع عنها أسباب أخري لحدوث الطلاق - فأحيانا تكون سببا وأحيانا أخري تكون نتيجة، حيث يكون استخدام هذه الوسائل سببا في حدوث الطلاق متي استخدمت من أجل البحث عن البديل في العالم الافتراضي. وأشار أن هناك حلولا يمكن من خلالها الحد من ظاهرتي الطلاق والخلع، أهمها نشر الوعي الاجتماعي بحقوق الزوج والزوجة وكيفية اختيار شريك الحياة وفقًا لأسس سليمة من أجل التكيف مع التغيرات الاجتماعية التي أصبحت تفرض نفسها علي البيئة المصرية. وفي ذلك الصدد يمكن تفعيل دور المؤسسات المختلفة من مدارس وجامعات ودور عبادة في تأسيس وعي اجتماعي جديد، وإنشاء مراكز مجانية تقدم الدعم النفسي للمقبلين علي الزواج، حيث تستطيع تلك المراكز عقد اختبارات نفسية للمقبلين علي الزواج لمعرفة مزايا وعيوب كل من الزوجين والقدرة علي التكيف مع تلك العيوب وكذلك العمل علي توعيتهم بالمسئولية الملقاة علي عاتقهم وكذلك حقوق وواجبات كل منهما، هذا إلي جانب تقديم الاستشارة والدعم النفسي المجاني للأزواج ومساعدتهم علي تخطي المشاكل الحياتية المختلفة. وأكدت الدكتورة عزة حامد استشاري العلاقات الأسرية أن الرئيس السيسي سبق أن وجه دعوة لمواجهة الطلاق والتحذير منه، وأشار في أحد المؤتمرات أن نسب الطلاق في مصر وصلت إلي 44 %، وهو الأمر الذي يعني وجود 50 حالة طلاق من 100 زواج، وأن هناك 9 ملايين طفل دون أب وأم بشكل مباشر، بينما هناك 15 مليونًا بشكل غير مباشر، عن طريق انفصال خفي دون طلاق، وهذا التحذير الذي أطلقه الرئيس يحتاج إلي وقفة لوضع معايير واقعية لمواجهة ظاهرة الطلاق التي تزيد بشكل سريع، موضحة أن الطلاق يتسبب في كثير من المآسي التي يكون ضحيتها أولا الأطفال الذين يتحولون إلي مشردين أو مجرمين أو مدمنين، ثم النساء اللاتي يتحملن مسئولية الأبناء، مما يزيد من التفكك الأسري وارتفاع نسبة الجريمة.