استكمالا لموضوعي المقالتين السابقتين عن طه حسين وبن لادن عن التنوير والارهاب. عن الوجه المشرق للمسلم والوجه الذي يشوه الاسلام وما أبعد الشقة بينهما.. الاسلام هو دين التنوير والعلم والحرية ومعرفة حكمة الخالق في خلقه.. بأمرنا الله بالتفكر وبذل الجهد في التدبر ومعرفة أسرار الكون والنفس من أجل حياة أفضل تؤدي إلي الجنة بإذن الله. أعلم ان ملايين الشباب يقعون في حيرة عظيمة بين شتي المقولات والتيارات وتعاليم متطرفة سواء مغالاة في الدين أو بعدا عنه أما مع وأما ضد.. سوف أحاول إلقاء الضوء علي شخصيات اسلامية وشيوخ وعلماء من رؤية نظر مغايرة ومحاولة لفهمهم.. هؤلاء حاولوا قدر استطاعتهم بذل الجهد لتفسير قضايا حياتية لم تكن موجودة في عصور أئمة الفقه المعروفين وحتي طرق البحث التي استجدت لم تكن معروفة علي أيامهم وبالتالي وجب علي فقهاء علماء الاسلام المحدثين محاولة التفسير والفهم بروح العصر. القرآن نزل معلما وصالحا لكل زمان ومكان. وسيظل كذلك الي يوم الدين فهل ما يصلح الآن من تفسير انسان يصلح للانسان بعد 02 الف سنة مثلا حيث سيظل القرآن بإذن الله صالحا لهذا الانسان المختلف عنا الآن تمام الاختلاف سوف يكون هناك علماء في عصره لهم تفسيرات تناسب وتقابل احتياجات الحياة في حينها. هل نغلق باب الاجتهاد ونعتبر ائمة الفقه الأربعة هم النهاية أم يجتهد علماء؟! فاذا اجتهدوا وأخطأوا من ألهم أجر ام نصمهم بالكفر؟! هذه هي القضية الاساسية الاختلاف.. قيمة الاختلاف وكيف ومتي وبأي طريقة حضارية نختلف لقد كان لنا في رسول الله أسوة حسنة.. تعلموا منه، الرسول لم يسع فقط لارساء معالم الدين العظيم في محيط قريش وانما جاهد لتصل رسالته التي هي رسالة الخالق الي مليارات البشر كيف فعل ذلك؟! بالحكمة والموعظة الحسنة.. بالصوت الخفيض بالعدل.. وبالفهم الرائع للنفس الانسانية، لم يدخل ضمائر الناس ليفتش فيها.. فهل شققت عن قلبه.. هكذا ساد الاسلام العالم فلا تكفير ولا عدوان بل حوار ومنطق وذكاء فذ يجعل الحجر يلين وليس بغضب علي الوجوه ولا ترهيب ولا استعراض قوة يرهبون بها -ليس عدو الله- ولكن مسلمين مثلهم. من منا لا يحلم بدولة يسودها العدل والعلم والاخلاق وتعاليم الاسلام.. قوية في الحق يهابها الجميع؟! فلنقارن ببساطة بين حال الدولة الاسلامية في عصور الضعف والهوان الآن وعصور القوة والمنعة في اوج قوة الدولة الاسلامية وعندما نعرف الفرق سوف نعرف أين نضع اقدامنا نحو الطريق الصحيح. نساند من ونعطي اصواتنا لمن في صناديق الاقتراع، يتشابه العصر الذي نعيشه الآن في عالمنا الاسلامي والعربي تماما مع عصر المماليك المتأخر حيث الفساد المستشري في كل شيء السلب والنهب واستحلال مال الشعب والقمع والارهاب والديكتاتورية البغيضة وبطانة السوء وسيادة الجهل والخرافات والخزعبلات واحتقار العلم والعلماء، النقل من الغرب وليس التفاعل معه.. ذل السؤال وامتهان الكرامة وضياع الأوطان.. فهل في هذه الحالة نحن خير أمة قد أخرجت للناس؟!! أما اذا قلبنا كل تلك الصفات الي عكسها لأصبحنا أمام صورة الأمة الاسلامية في أوج قوتها ومجدها وسوف أذكر بعض الارقام منقولة من مقال لاستاذنا وتاج رأسنا الدكتور يوسف ادريس رحمه الله عن العصر المزدهر للاسلام. يقول يوسف ادريس في مقاله البديع لقد جمع الاسلام وترجم الي اللغة العربية كل ما أزدهر قبله من علوم وثقافات من حضارة بين النهرين الي مصر وبيزنطة وكل ما تخلف من اليونان والرومان اقرأ التالي واندهش وافخر بأجدادك المسلمين. لم يطالب الخليفة هارون الرشيد »678- 909« عندما استولي علي أنقرة أو الخليفة المأمون من بعده عندما انتصر علي الامبراطور البيزنطي الا بتسليم مخطوطات قديمة تعويضا عن اضرار الحرب. تصور عزيزي القاريء. المخطوطات أهم عند المسلم -حينها- من الذهب والمال والسلطان.. العلم هو من يصنع الحضارة لا البترول ولا الاموال المهربة في بنوك امريكا وسويسرا. التعليق من عندي.. ثم يواصل يوسف ادريس.. في عام 518 أنشأ الخليفة المأمون في بغداد.. بيت الحكمة وقد احتوي علي مليون مؤلف في حين ان ملك فرنسا شارل الحكيم وبعد 4 قرون من هذا التاريخ كان بالكاد يستطيع ان يجمع 009 كتاب. هذا الشغف العربي والمسلم بالكتب وهذا السعي الجاد لتمثل كل الثقافات السابقة لم ينطو علي أية انتقائية أو اصطفاء وانما اخذه المسلمون وأخصبوه برؤيتهم ثم قدموا هذا جميعا كنزا خالصا للثقافة البشرية. شكرا استاذي يوسف ادريس. هكذا كنا وهكذا أصبحنا. كانت صورة المسلم في ذلك الحين هي العالم الفاهم المتنور الذي يدفع عجلة الحضارة ويساهم في تاريخ الانسانية فتحولت صورته الي ارهابي وقاتل ومثير للرعب.. نعم هناك مبالغة وتحيز وغرض من الغرب لخلق تلك الصورة ولكننا ساهمنا فيها بغباء أو بغرض أو.. أو.. خير ما أنهي به مقالي حديث عن الرسول الكريم ولا أعلم مدي صحته. ولكنه يتماشي مع ماعلمنا الاسلام عن دور العلم والعلماء »يوزن مداد العلماء وبدم الشهداء يوم القيامة« إن صح.. صدقت يا رسول الله.