إذا كانت الحروف في أوائل السور في القرآن الكريم قد خرجت عن قاعدة الوصل لأنها مبنية علي السكون لابد أن يكون لذلك حكمة.. أولا: لنعرف قول رسول الله »صلي الله عليه وسلم»: »من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف». وهناك سور في القرآن الكريم بدأت بحرف واحد مثل قوله تعالي: »ص والقرآن ذِي الذكر» »ن والقلم وَمَا يَسْطُرُونَ» ونلاحظ أن الحرف ليس آية مستقلة. بينما (ألم) في سورة البقرة آية مستقلة. و(حم). و(عسق) آية مستقلة مع أنها كلها حروف مقطعة. وهناك سور تبدأ بآية من خمسة حروف مثل (كهيعص) في سورة مريم.. وهناك سور تبدأ بأربعة حروف. مثل (المص) في سورة (الأعراف). وهناك سور تبدأ بأربعة حروف وهي ليست آية مستقلة مثل (ألمر) في سورة (الرعد) متصلة بما بعدها.. بينما تجد سورة تبدأ بحرفين هما آية مستقلة مثل: (يس) في سورة يس. و(حم) في سورة غافر وفصلت.. و: (طس) في سورة النمل. وكلها ليست موصلة بالآية التي بعدها.. وهذا يدلنا علي أن الحروف في فواتح السور لا تسير علي قاعدة محددة. (ألم) مكونة من ثلاثة حروف تجدها في ست سور مستقلة.. فهي آية في البقرة وآل عمران والعنكبوت والروم والسجدة ولقمان. و(الر) ثلاثة حروف ولكنها ليست آية مستقلة. بل جزء من الآية في أربع سور هي: يونس ويوسف وهود وإبراهيم.. و: (المص) من أربعة حروف وهي آية مستقلة في سورة (الأعراف)، و(المر) أربعة حروف، ولكنها ليست آية مستقلة في سورة الرعد إذن فالمسألة ليست قانونا يعمم، ولكنها خصوصية في كل حرف من الحروف. وإذا سألت ما هو معني هذه الحروف؟.. نقول إن السؤال في أصله خطأ.. لأن الحرف لا يسأل عن معناه في اللغة إلا إن كان حرف معني.. والحروف نوعان: حرف مَبْنَي وحرف معني. حرف المبني لا معني له إلا للدلالة علي الصوت فقط. أما حروف المعاني فهي مثل في. ومن.. وعلي.. (في) تدل علي الظرفية.. و(مِنْ) تدل علي الابتداء و(إلي) تدل علي الانتهاء.. و(علي) تدل علي الاستعلاء.. هذه كلها حروف معني. وإذا كانت الحروف في أوائل السور في القرآن الكريم قد خرجت عن قاعدة الوصل لأنها مبنية علي السكون لابد أن يكون لذلك حكمة.. أولا لنعرف قول رسول الله صلي الله عليه وسلم: »من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حَسَنَةٌ والحَسَنَةُ بعَشْر أمْثَالها، لا أقولُ ألم حرف ولكن ألفٌ حرْفٌ ولاَمٌ حرف ومِيمٌ حرف». ولذلك ذكرت في القرآن كحروف استقلالية لنعرف ونحن نتعبد بتلاوة القرآن الكريم أننا نأخذ حسنة علي كل حرف. فإذا قرأنا بسم الله الرحمن الرحيم يكون لنا بالباء حسنة وبالسين حسنة وبالميم حسنة فيكون لنا ثلاث حسنات بكلمة واحدة من القرآن الكريم. والحسنة بعشر أمثالها. وحينما نقرأ (ألم) ونحن لا نفهم معناها نعرف أن ثواب القرآن علي كل حرف نقرؤه سواء فهمناه أم لم نفهمه.. وقد يضع الله سبحانه وتعالي من أسراره في هذه الحروف التي لا نفهمها ثوابا وأجرا لا نعرفه. ويريدنا بقراءتها أن نحصل علي هذا الأجر. والقرآن الكريم ليس إعجازا في البلاغة فقط. ولكنه يحوي إعجازا في كل ما يمكن للعقل البشري أن يحوم حوله. فكل مفكر متدبر في كلام الله يجد إعجازا في القرآن الكريم.