ما أكثر ما قرأت عن الشاعر الفيلسوف محمد إقبال، ونظرته وفلسفته وهي في جوهرها ذات طابع ديني عميق.. إنها فلسفة تمجد الإسلام وفيها دعوة للمسلمين إلي مواكبة التطور والتقدم لأن الإسلام هو دين الحضارة والتقدم والنماء والسمو الروحي. وقد قرأت أخيرا كتاب »رواد الوعي الإنساني» للدكتور عثمان أمين، الذي يتحدث فيه عن عدد من رواد الوعي الإنساني في الشرق الإسلامي وهم جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، وعبدالرحمن الكواكبي، ومحمد إقبال. ونتوقف قليلا عند الشاعر الفيلسوف محمد إقبال.. وهذا الفيلسوف أثرت في حياته حادثة مرت به في طفولته وأثرت علي مستقبل أيامه، فقد نهر سائلا لأنه دق باب منزله في عنف، فلما رأي والده ذلك نهره بشدة وهو يبكي وقال له: »تذكر يابني جلال المحشر، يوم تجتمع أمة خير البشر، وأرجع البصر كرة إلي لحيتي البيضاء، ونحول جسمي المرتعش بين الخوف والرجاء، كن يابني من البراعم في غصن المصطفي، وكن وردة من نسيم ربيعه، واظفر من خُلق محمد بنصيب». ومرت الأيام.. ودرس إقبال في جامعة لاهور، ثم نال درجة الدكتوراه في الفلسفة برسالة قدمها عن (تطور الميتافيزيقا في بلاد فارس) ثم حصل علي درجة في القانون. ومحمد إقبال أول من نادي بضرورة انفصال المسلمين عن الهند، وضرورة قيام دولة خاصة بهم يستطيعون فيها أن يظهروا روعة الإسلام، وأن يحيوا فيها الحياة التي تتمشي مع تعاليم الدين الحنيف، ومنذ أعلن إقبال هذه الفكرة سنة 1930م أصبحت الهدف الأول الذي جاهد مسلمو الهند لتحقيقه، إلي أن تم لهم إنشاء دولة الباكستان في أغسطس 1947، بعد نضال متواصل اشترك فيه جميع المسلمين هناك تحت قيادة محمد علي جناح. ومن آراء إقبال أن الفن ينبغي أن يصوِّر لهيب الحياة الأبدي الذي لا ينقطع، فلا قيمة للفن أن يخرج شررا واهنا لا يلبث أن يخمد، وحياة الأمم تدوم بدوام إبداعها وإعجازها، فالفن الذي لا إبداع فيه ولا إعجاز عارية لا تدوم. من أقوالهم: وكيف يداري المرء حاسد نعمة إذا كان لا يرضيه إلا زوالها الإمام الشافعي