واجه رسول الله صلي الله عليه وسلم في المدينة عداوة من لون جديد ليخوض صراعا مع المنافقين واليهود وبجانب التوحيد والرد علي المنافقين واليهود كان هناك المجتمع الاسلامي وكانت هناك مهمة تربية هذا المجتمع لكي ينصحهم بالدعوة وكانت هناك دولة وكانت هناك غزوات وكان هناك احكام بافعل ولا تفعل. كان أحبار اليهود يظنون انه ربما يأتي محمد عليه الصلاة والسلام بشئ من عنده فيخطئ.. فجاء القرآن ليساوي بين البشرية كلها.. فلا فضل لغني لماله ولا قلة لفقير في الاجر.. بل الناس أمام الله سواسية كأسنان المشط. كان هذا هو أساس الدعوة في مكة.. إيمان بانه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتثبيت للمؤمنين في الفترة التي كانوا فيها قلة وكانوا فيها ضعفاء وكانوا أذلة. وتثبيت الايمان كان يقتضي تذكيرهم دائما بأن الله معهم.. وان ماتوا شهداء دخلوا الجنة بلا حساب.. وان ماتوا علي دين الاسلام دخلوا الجنة.. ومن يبق منهم علي كفره عذب في النار، وان كل مشقة في سبيل الله لها اجر في الآخرة حتي يتحملوا المشقة والايذاء وهم صابرون. وإذا انتقلنا بعد ذلك الي مجتمع المدينة فهناك صورة اخري ووجه فيها الاسلام بالكفار وعبدة الاوثان ومزوري التوراة من اليهود وعدو جديد هم المنافقون.. وقد كانت هناك عداوة جاهلة في مكة أما في المدينة فقد ووجه الاسلام بعداوة عالمة.. هم المنافقون.. فلم يكن هناك نفاق في مكة، فالضعيف والمضطهد لا ينافق فمن ذا الذي كان يدعي في مكة انه مؤمن وهو كافر.. ليكون عرضة للعذاب والايذاء والاضطهاد.. ولكن في المدينة عندما قوي الاسلام وكانت له دولة ظهر في المجتمع النفاق.. واقرأ قول الحق سبحانه وتعالي: »وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَي النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَي عَذَابٍ عَظِيمٍ» »التوبة». وهكذا واجه رسول الله صلي الله عليه وسلم في المدينة عداوة من لون جديد.. ليخوض صراعاً مع المنافقين واليهود.. وبجانب التوحيد والرد علي المنافقين واليهود كان هناك المجتمع الاسلامي.. وكانت هناك مهمة تربية هذا المجتمع لكي ينهض بالدعوة، وكانت هناك دولة، وكانت هناك غزوات، وكان هناك أحكام بافعل ولا تفعل. كل هذا لم يكن موجوداً في مكة، فقد اقتضي نزول القرآن الكريم في مكة ان تكون آياته في معظمها عن العقيدة وعن الجنة والنار، وعن الاجر الذي ينتظر المؤمنين في الآخرة وعن العذاب الذي ينتظر الكفار. وكانت الآيات في المدينة عن الاحكام والمجتمع الاسلامي والمعاملات وكيفية اتقاء المنافقين، وان كانت الآيات في المدينة لم تهمل العقيدة بل أكدتها.. وعندما جاء جبريل عليه السلام ليرتب المصحف مع رسول الله صلي الله عليه وسلم الترتيب الذي نعرفه الآن.. كان الاسلام قد انتشر واعتنقه كثيرون لذلك كان المهمة الأولي ان يعرف هؤلاء المسلمون احكام دينهم.. وما يجب ان يفعلوه وألا يفعلوه. يريد الله سبحانه وتعالي ان يعلم المسلمين الذين آمنوا بأنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.. يريد ان يعلمهم احكام دينهم. فالعقيدة موجودة وبقي ان نعمل ونطبق المنهج في أفعل ولا تفعل. ولقد جاءت سورة البقرة متضمنة التعريف بقوة الاسلام.. وبحكمة القرآن وبعلم الله سبحانه وتعالي إلي رسوله صلي الله عليه وسلم واشتملت علي قصة خلق الانسان الأول آدم عليه السلام. وقصة ابراهيم في بحثه عن الايمان وقصة بناء الكعبة الشريفة.. وركزت علي اليهود باعتبارهم أشد الناس عداوة للإسلام واقرأ قول الحق تبارك وتعالي : »لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا» »المائدة».