وجدت نفسي مترددا بين الثناء علي الدكتور عبدالقوي خليفة محافظ القاهرة او ان ألومه علي قراره باستعداده لمنح موظفي ديوان عام المحافظة اجازة مفتوحة طالما ظل تربص المعتصمين بهم والتعدي عليهم بالقول والفعل. اذا أثنينا علي قرار المحافظ فلنا من المبررات الكثير ولكن اذا ما لمناه فلنا منها القليل. فالرجل مسئول عن توفير المناخ المناسب للعمل، ومن المستحيل ان نطالب الموظف بالتواجد في مكتبه في موعده والخروج في نهاية اليوم وسط طوفان من البشر يتربصون للجميع.. انا شخصيا ورغم انني لست من موظفي المحافظة تعرضت للاهانة المتمثلة في السباب واثناء محاولة خروجي من مبني الديوان، ورغم انني افهمت المعتدي عبر البوابة الحديدية انني لست من اهل هذه الدار وانني مجرد صحفي يؤدي عمله الا انه أصر علي موقفه مني رغم انني لا اعرفه ولا يعرفني، ولولا تدخل الشرطة العسكرية واحتجازي بعض الوقت في مكتب الاعلام حتي استطاعوا اخراجي لحدث ما لا يحمد عقباه. واذا كان هذا ما تعرض له زائر مثلي، فما بالنا بموظفة من عامة هذا الشعب وهي تتعرض للضرب بالطوب والحجارة وزجاجات المياه الغازية لمجرد انها نزلت من مكتبها عبر فناء الديوان بعد انتهاء عملها ومثلها مثل سيدات مصريات كثيرات تود اللحاق بأول اتوبيس او مترو أنفاق لاعداد الطعام لاسرتها واللحاق بأطفالها قبل موعد غلق الحضانة. الاسبوع الماضي اضطر د. عبدالقوي الي منح العاملين بديوان عام المحافظة وطبعا عددهم بالآلاف اجازة ثلاثة ايام مؤكدا بعد ذلك في اجتماعه الاحد الماضي مع نوابه الاربعة انه لن يتواني في اغلاق الديوان طالما لا يتوافر المناخ الامن للعمل لحفظ ارواح الموظفين كبيرهم وصغيرهم. خلال هذه الايام الثلاثة ادار المحافظ عمله من مكتب اخر في شرق القاهرة وطبعا لا داعي لتحديد موقعه حتي لا يذهب المحتجون للاعتصام هناك. هل اصيب المحافظ بحالة من اليأس بعد ان ضاعت من المحافظة الوحدات التي تم استردادها من البلطجية ثم عادوا لاغتصابها مرة اخري، هل كل ما يبذله من جهد طوال اكثر من 81 ساعة يوميا اصبح هباء لعدم تفهم المواطن العادي لطبيعة هذه المرحلة واستيعابه لمتطلباتها، هل اصبح عليه وعلي اجهزته مواجهة مشكلة مثل النظافة دون ان يساهم المواطن بدوره في هذه المنظومة ودون ان يتمادي معدومو الضمائر في القاء مخلفات الردم في اماكن حيوية وسط القاهرة. الرجل قاد بنفسه اكثر من حملة سواء في احمد حلمي او تحت كوبري فم الخليج امام سور مجري العيون وتم رفع تراكمات تقدر بمئات الامتار المكعبة ورغم ذلك لا يظل المكان نظيفا الا سويعات قليلة وسرعان ما تعود ريما لعادتها القديمة. نعم نحن في مرحلة انتقالية اختلط فيها الحابل بالنابل في معظم قضايا حياتنا الانية والمستقبلية وخرج من القمقم من تصور انها فرصة العمر للحصول علي ما يعتقد انه حقه سواء كان اعتقاده صحيحا او مغلوطا، وعندما يعلو صوت الغوغاء وتتواري اصوات العقل والحكمة فلنقل علي انفسنا السلام. انا علي يقين ان محافظ القاهرة ليس بالشخص الذي يعرف اليأس طريقه اليه، ولكن بمزيد من الصبر والتؤدة يمكن التغلب علي الكثير من الصعاب، نحن الان في الميدان والمطلوب ثبات ومقاومة حتي نعبر هذه المرحلة الي ما يستحقه معظم افراد شعبنا الصامتين امام اصحاب الصوت العالي والضرب بالحجارة فلندع الله ان يهديهم سواء السبيل.