سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
د. يسري عبد المحسن في حديث حول محاكمة القرن الثانية للأخبار: المتهمون الثلاثة يبدو أنهم تخطوا آثار الصدمة الأولي للمحاكمات
تفاعل الرئيس المخلوع وصل للتبلد وعدم الاگتراث ظهر في نعاسه
هي حالة تسمي بحالة »مابعد الصدمة«.. وتتسم بالإنكار والرفض
كيف رأي عالم النفس الجلسة الثانية لمحاكمة القرن؟ طبقا لاستقراء أحداث جلسة محاكمة القرن الثانية للرئيس السابق ونجليه.. يبدو انهم قد تخطوا وتجاوزوا أثار الصدمة الاولي للمحاكمات التي هي عادة ما تكون في شكل الذهول والانكار وعدم التصديق لما حدث ويحدث بالفعل.. ويبدو أنهم جميعا قد تجاوزوا الاكتئاب الحاد بعد انفعالات الصدمة الاولي.. وهم طبقا لما شاهدناه في الجلسة هذه في مرحلة مابعد الصدمة والاكتئاب ..نجد الرئيس المخلوع في حالة من الاعياء ويبدو عليه الارهاق وفقدان القدرة علي التركيز وتنتابه نوبات اشبه بغياب الادراك والوعي الكامل مع الميل للنعاس حيث ظهر وهو يتثاءب اكثر من مرة .. وبدا مغمض العينين وكأنه ينسلخ تماما عن مجريات الأمور من حوله.. وقد ظهر شاحب الوجه علي شفتيه جفاف واضح منكوش الشعر وتعبيرات وجهه ساكنة جامدة تعبر عنها عضلات وجه مترهلة وتجاعيد محفورة بعمق اشبه ما تكون في شكل الصخور .. كذلك ظهر الرئيس المخلوع في صورة غير مهندمة من حيث الشكل العام علي عكس ما كان يظهر عليه في الجلسة السابقة للمحاكمة ومما يلفت النظر انه لم تكن بيده الساعة ولكن ظهرت في معصمه اليسر يبدلا منها "الكانيولا" استعدادا لاعطائه حقن المحاليل إذا لزم الأمر. هل تغيرت حركة الرئيس المخلوع ونجليه داخل القفص؟ لم يحرك الرئيس المخلوع كثيرا يديه كالمرة السابقة ولم يتحدث إلي نجليه إلا قليلا ويلاحظ جيدا ضعف القدرة السمعية لديه... كما لم تظهر نظراته السابقة الزائغة ومتابعة المشهد حوله من خارج القفص مثل المحاكمة السابقة ولم يسأل اولاده عن أي شيء.. كما لم يحاول إخفاء وجهه بيديه أن تحرك برجليه قليلا وربما يكون خاضعا لبعض المسكنات أو المهدئات العلاجية.. الصورة العامة تقول أن الحالة الصحية أشد صعوبة عما سبق. وماذا عن تفاعله مع الاحداث من خلال مشاهدتك له في القفص؟ يبدو واضحا ان تفاعل الرئيس المخلوع مع الاحداث وقد وصل إلي طريق التبلد وعدم الاكتراث وفقدان التواصل وضعف الادراك وقلة التركيز وعدم القدرة علي التمييز حتي درجة الانسلاخ التام عن الواقع والتسليم اللاإرادي بالامر الواقع وبالمصير المحتوم حتي في حديثه لنجله علاء وعندما تلقي قبلة علي جبينه منه لم تظهر عليه أي عاطفة أو انفعال. مابعد الصدمة إذن كيف تصف حالة الرئيس المخلوع تحديدا؟ هي حالة تسمي حالة "مابعد الصدمة" وتتسم بالانكار والرفض ومابعد الحزن والندم والاكتئاب .. إنها حالة التسليم والانسحاب واسدال ستار التفاعل والمعايشة وطرد المشاعر والجمود الانفعالي وكأنها حالة انتظار القدر المحتوم بعد ان تلاشت كل القوي النفسية الدفاعية والقوي الجسدية التي تساعده علي الصمود. وكيف بدا نجلا الرئيس المخلوع؟ عن النجل علاء فهو لايقدر علي اخفاء توتره وقلقه ..فالعينان زائغتان والحركة مستمرة بقدميه وآثار الحزن العميق تبدو في مقلتيه ومحاولاته اخفاء التصوير عن والده وتنقل المصحف بين يديه ونظراته المتحولة نحو السقف تارة ونحو والده تارة اخري ونحو الحاضرين بالقاعة توضح لنا مدي توتره العصبي، وانه نادم وغير مصدق وحزين وكأنه يعيش في دوامة من الفكر المتناقض في المشاعر وخلطا في تقدير الأمور وكل ذلك مع حالة من عدم التوازن العام في كل من فكره وسلوكه ومشاعره. أما جمال فهو يبدو كأنه متماسك وكيف لا وهو المفترض أن يحكم مصر لو سارت الأمور كما رسمها.. ويحاول بنظراته المتجهمة أن يظهر كالرجال الاشداء.. ولسان حاله يقول »خسارة فيكم ياشعب ما قدمته وكنت سأقدمه لكم وانتم الناكرون للجميل والجاحدون والخاسرون ايضا«.. كما بدا جامد العواطف يظهر احيانا كأنه يهدد ويتوعد واحيانا كأنه يتحدي لأنه اقوي من مثل هذه المواقف يريد ان يظهر القوة المفتعلة ورباطة الجأش الفريدة من نوعها .. هو قليل التوتر وقليل الحركة إلا انه احيانا يمسح بمنديله علي وجهه وعينيه ولا أعرف ان كان يمسح العرق او يمسح الدموع. إنكار المشاعر كيف تري العائلة وهي بالكامل داخل القفص؟ أظن ان العائلة المباركية كلها تتحدي الموقف إما بالانسحاب أو بالصمود وبالظهور بصورة عدم الاكتراث وهناك ابتسامات للتأكيد علي عدم الاكتراث لكن الوضع لا يبدو كذلك فهذه الابتسامات سطحية ظهرت علي النجل علاء وهو نوع من المبالغة والتعويض والانكار لعكس مشاعر الحزن الحقيقية الداخلية. ونشير ان اكتئاب هؤلاء ابناء الحظ والجاه والسلطان يكون عادة في صورة القاء اللوم علي الغير ووصفهم بأنهم هم الخاسرون الذين فقدوا العيش الرغد والحياة الكريمة التي كانت ستحقق لهم لو استمروا في الحكم ..هذا عكس اكتئاب العامة من الناس الذي هو مضمونه اكتئاب الشعور بالذنب والاحساس باللوم الداخلي والندم. الشعب العظيم كيف تري المحاكمة من الناحية النفسية للشعب؟ اولا ان مثول الرئيس وعائلته للمحاكمة ودخولهم القفص هو في حد ذاته نقلة حضارية ونوعية غير مسبوقة بصرف النظر عن النتائج .. وحتي لو تم تبرئتهم جميعا من التهم المنسوبة اليهم .. ويحسب لهذا الشعب العظيم ان العدالة قد اخذت مجراها وانه لا توجد قوة يمكن ان تقف امام إرادة الشعب نحو الحرية والكرامة والعدالة.. وبالنسبة للمشهد العام للمحاكمة فما زلنا نحتاج إلي ارساء قواعد الضبط والربط واحترام الاخر ونحتاج إلي ثقافة قبول الرأي الاخر والبعد عن العشوائية في الحوار واستبعاد استعمال العنف والصوت العالي في توصيل الرسالة المرجوة. كيف تفسر تلويح النجل علاء بعلامة النصر في نهاية الجلسة؟ تلويح المتهم علاء في نهاية الجلسة واشارته بعلامة النصر يؤكد ويظهر نوعا من التوتر ومحاولة ازالة التهمة عنه..وهو نوع من الفعل المنعكس لمحاولة اظهار عكس ما هو قابع في عقله ووجدانه من احباط واحساس بالفشل والخسارة. لأن الشخص الواثق من نفسه ومن فعله هو الذي يكون معتدلا في ايماءاته واشاراته وسلوكه وان الاعتدال يظهر في صورة اظهار مشاعره الحقيقية وليس أخفاءها واظهار عكسها.