يقولون: أهل مكة أدري بشعابها ونقول: الصحفيون أدري بشئون مهنتهم ومشاكلها واحتياجاتها أكتب هذا في الوقت الذي يلمس فيه الصحفيون بمصر اتجاها خبيثا يستهدف وحدة نقابتهم باستغلال ما أتاحه مناخ الثورة من حرية استغلالا خاطئا ينحرف عن غايته النبيلة ومقاصده بتأسيس اتحادات ونقابات عمالية مستقلة.. لا أحد يعرف ما سر الحرص من جانب السيد وزير القوي العاملة علي التحريض ضد نقابة الصحفيين ووحدتها علي هذا النحو المثير للشك في دوافعه وبواعثه. قبل بضعة أسابيع أدلي الوزير أحمد حسن البرعي بتصريح غامض ألمح فيه الي حق الصحفيين في تشكيل نقابة مستقلة. تصريح الوزير أثار لغطا كبيرا في الأوساط الصحفية، ويبدو أنه شعر بأنه لن يكون بمقدوره مواجهة العاصفة العاتية التي تنتظره وخاصة من جانب الصحفيين الحريصين علي وحدة نقابتهم، فاعقبه بتصريح آخر أوضح فيه أنه كان يقصد بكلامه السابق تأسيس نقابة عمالية، وأنه لا علاقة له بالنقابات المهنية التي لا يجوز تأسيسها إلا بقانون أو تشريع خاص. مع العلم أن الوزير قد فاته -بقصد أو بدون قصد- أن هناك بالفعل نقابة عمالية معنية بهذا الأمر وتابعه لسيادته وهي النقابة العامة للعاملين في الصحافة والاعلام والنشر وتتسع في عضويتها للصحفيين وغيرهم من جميع الفئات المرتبطة بالعمل الصحفي.. المهم.. هدأت الخواطر إلا قليلا.. وتصور الصحفيون ممن يميلون الي حسن النية في تفسير الأمور -مثل حالاتي- أن هذا التصريح غير المنضبط من جانب الوزير هو بمثابة زلة لسان خرجت عن سياقها، وأن الرجل لم يقصد شيئا أبعد مما جاء في تفسيره لتصريحاته حتي فوجئنا مؤخرا بتصريح آخر أكثر غرابة وأشد تحريضا أوضح فيه الوزير أن من حق الصحفيين العاملين في الصحف المستقلة تأسيس نقابة خاصة بهم. كلام البرعي في هذه الحالة لا يحتمل اللبس ويعني أنه يتحدث هنا علي الصحفيين المشتغلين بمهنة الصحافة دون سواهم في الصحف المستقلة، وهو كلام يحمل تحريضا واضحا لزملائنا في الصحف المستقلة علي شق الصف الصحفي والنيل من وحدة نقابتهم التي يشغل أغلبهم عضويتها.. نقابة الصحفيين.. تاريخ طويل من النضال بدأ منذ انشائها في 13 مارس 1491 بعد كفاح استمر لعشرات السنين ومحاولات متكررة تكللت بالنجاح بصدور القانون رقم 01 لسنة 1491 بانشاء النقابة وتشكيل مجلسها المؤقت. ان هدم هذا الصرح لن يكون سوي لمصلحة مجموعة من الادعياء لا علاقة لهم بالعمل الصحفي الحقيقي، انهم مجرد هاوون أو منتسبون يمارسون أنشطة أخري من خلال »دكاكين« أو نشرات يمكن أن نطلق عليها تجاوزا »صحافة بير السلم«.. وأعتقد ان هؤلاء هم من يسعي الوزير لتوفير الحماية القانونية لأشخاصهم والغطاء الشرعي لأنشطتهم ال»....« وربنا أمر بالستر!! لماذا يصر الوزير علي الاشتباك مع الصحفيين في هذه القضية الحساسة والشائكة؟ وباسم من ولمصلحة من يتحدث بهذه الطريقة؟ وهل انتهي الرجل من حل كل مشاكله العمالية في كل القلاع الصناعية فلم يعد أمامه سوي الصحفيين ونقابتهم؟ وما الذي يضمره الرجل في نفسه لنقابتنا.